للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يعرف له سماع منه سوى من هذا الطريق، فإن صح هذا الحديث وإلا فليس هو من التابعين، كذا علقه ابن حبان ولم يجزم بصحته ولا أخرج حديثه في صحيحه.

ذلك لأن مطيع بن راشد: قليل الرواية جدًّا، ومع قلة روايته جاء فيها بما يخالف حديث ابن عباس الصحيح المتفق على صحته من: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا ثم دعا بماء فمضمض، ثم قال: "إن له دسمًا".

ومطيع بن راشد مع قلة روايته، ومخالفته لرواية الثقات، لم يرو عنه سوى زيد بن الحباب، واجتماع هذه الثلاثة كافية للقدح في الرجل؛ لكونه غير معروف بالطلب لقلة مشايخه، ولا بحمل هذا العلم لقلة روايته، ثم هو بعدُ لا يوافق الثقات في روايتهم حتى يوصف بالضبط، فحري بمثله أن يضغف؛ فضلًا عن أن يقول فيه الذهبي: "لا يعرف" [الميزان (٤/ ١٣٠)].

وأما الذين ذهبوا إلى تقوية أمره فليس لهم حجة سوى قول زيد بن الحباب: "دلني شعبة على هذا الشيخ"، وقالوا بأن شعبة كان حسن الرأي فيه، وشعبة كما أنه لا يروى إلا عن ثقة، فلا يدلُّ إلا على ثقة.

وهذه عندي حجة واهية! فلماذا لم يسألوا أنفسهم: لماذا لم يرو عنه شعبة مع حسن رأيه فيه؟!

إن إمساك شعبة عن الرواية عنه لدليل كافٍ على سوء رأيه فيه، وإلا لروى عنه هذا الحديث أو غيره.

ثم إن دلالة شعبة لزيد على هذا الشيخ لها دلالة أخرى، وهي أن زيد بن الحباب معروف باهتمامه بطلب الحديث وسعة رحلته في الطلب، فلا ينبغي لمثله أن يفوته شيخ لم يسمع منه، وهذا ظاهر.

ثم إن قول الحافظ ابن حجر في التهذيب (٨/ ٢١٤): "وقال أبو داود: أثنى عليه شعبة"؛ فهو على عادته من نقل زيادات مغلطاي في إكماله لتهذيب المزي (١١/ ٢٤١)، فلا يبعد أن يكون هذا القول مجرد اجتهاد من مغلطاي ليس له معتمد من النقل سوى محاولة إظهار قصور المزي فحسب.

وبناء على ما تقدم فإن مطيع بن راشد: مجهول بنقل الحديث، ينبغي أن يضعف لمخالفته لرواية الثقات؛ وحديثه ضعيف.

وبهذا يُعلم أن توبة العنبري ليس من التابعين لعدم ثبوت روايته عن أنس.

والحديث حسن إسناده الحافظ في الفتح (١/ ٣١٣)، وتبعه عليه الألباني في تخريج السنن (١/ ٣٥٥)، والله أعلم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>