للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرجوا منه موضع الشاهد، فذكر منه الطحاوي طرف: "خلوا ظهري للملائكة"، وذكر منه البيهقي في السنن طرف مطالبة الغريم بالإنظار إلى الصرام المقبل، وذكر منه في الدلائل أوله في رد القتلى إلى مصارعهم، وذكر منه في الشعب ما يتعلق بالأطعمة واللحم]:

حدثنا أبو عوانة: حدثنا الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم، وقال لي أبي عبد الله: يا جابر، لا عليك أن تكون في نَظَّاري أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرُنا، فإني والله لولا أني أترك بناتٍ لي بعدي، لأحببت أن تُقتَلَ بين يديَّ، قال: فبينما أنا في النظَّارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي، عادلتهما على ناضح، فدخلت بهما المدينة، لتدفنهما في مقابرنا، إذ لحق رجل ينادي: ألا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن ترجعوا بالقتلى، فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت, فرجعنا بهما فدفناهما حيث قتلا، فبينما أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال: يا جابر بن عبد الله، واللّه لقد أثار أباك عُمَّالُ معاوية، فبدا فخرج طائفة منه، فأتيته فوجدته على النحو الذي دفنته، لم يتغير إلا ما لم يدع القتل- أو: القتيل- فواريته.

قال: وترك أبي عليه ديناً من التمر، فاشتدَّ عليَّ بعضُ غرمائه في التقاضي، فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي الله! إن أبي أصيب يوم كذا وكذا، وترك عليه ديناً من التمر، وقد اشتدَّ عليَّ بعض غرمائه في التقاضي، فأحبُّ أن تعينني عليه لعله أن يُنظِرني طائفةً من تمره إلى هذا الصِّرام المقبل، فقال: "نعم، آتيك إن شاء الله قريباً من وسط النهار"، وجاء معه حواريوه، [زاد أبو النعمان: فجلسوا في الظل، وسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]، ثم استأذن، فدخل، وقد قلت لامرأتي: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءني اليوم وسطَ النهار، فلا أَرينَّكِ، ولا تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي بشيء، ولا تكلِّميه، فدخل ففرشت له فراشاً، ووسادة، فوضع رأسه فنام، قال: وقلت لمولى لي: اذبح هذه العناق، وهي داجنٌ سمينة، والوحَى، والعَجَلَ! افرُغْ منها قبل أن يستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا معك، فلم نزل فيها حتى فرغنا منها، وهو نائم، فقلت له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ يدعو بالطَّهور، وإني أخاف إذا فرغ أن يقوم، فلا يفرُغَنَّ من وُضوئه حتى تضعَ العناق بين يديه، فلما قام، قال: "يا جابر! ائتني بطَهور"، فلم يفرُغ من طُهوره حتى وضعتُ العناقَ عنده، فنظر إليَّ فقال: "كأنك قد علمت حُبَّنا للحم، ادعُ لي أبا بكر"، قال: ثم دعا حوارييه الذين معه فدخلوا، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه، وقال: "بسم الله، كلوا"، فأكلوا حتى شبعوا، وفَضَلَ لحمٌ منها كثير، قال: والله إن مجلس بني سلمة لينظرون إليه، وهو أحب إليهم من أعينهم، ما يقربه رجل منهم مخافة أن يؤذوه، فلما فرغوا قام، وقام أصحابه فخرجوا بين يديه، وكان يقول: "خلوا ظهري للملائكة".

واتَّبعتُهم حتى بلغوا أسكفَّة الباب، قال: وأخرجت امرأتي صدرها، وكانت مستترةً بسفيف في البيت، قالت: يا رسول الله! صلِّ عليَّ، وعلى زوجي، صلى الله عليكَ، فقال: "صلى الله عليكِ، وعلى زوجِكِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>