فإن قيل: روى الإمام أحمد في مسنده (٦/ ١٠٦ - ١٠٧)، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، عن سفيان، وذكر رجلًا آخر عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيب من أهله من أول الليل، ثم ينام ولا يمس ماءً، فإذا استيقظ من آخر الليل عاد إلى أهله واغتسل.
قلت: هو شاذ عن سفيان الثوري بهذا اللفظ، تفرد به عنه عبد الله بن يزيد المكي أبو عبد الرحمن المقرئ [وهو ثقة فاضل]، ولا ندري من هذا الذي تابعه، وهل تابعه عليه بلفظه أم لا؟.
والحديث رواه عن سفيان الثوري بلفظ أبي داود أو نحوه: جماعة من الحفاظ من أصحاب الثوري، مثل: وكيع بن الجراح [وهو من أثبت الناس فيه]، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو داود الطيالسي، وأبو عامر العقدي، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبد الرزاق بن همام، وعلي بن الجعد [وهو آخر من روى عنه من الثقات]، وقبيصة بن عقبة.
وعلى هذا فإن ذكر العود في حديث أبي إسحاق شاذ لا يصح عنه، والمحفوظ ما رواه جماعة الحفاظ عن أبي إسحاق بدونه، والله أعلم.
٥ - مفضل بن صدقة [ضعيف. اللسان (٦/ ٩٤)]، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام جنبًا ولا يمس ماءً.
أخرجه ابن عدي في الكامل (٦/ ٤٠٩).
فوافق الثقات في روايته.
• وبعد سرد ما وقفت عليه من طرق هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي، نذكر أقوال أهل العلم الذين ضعفوا حديثه هذا ممن لم نذكرهم:
قال الإمام أحمد: "إنه ليس بصحيح".
وقال مهنأ عن أحمد بن صالح: "لا يحل أن يروى هذا الحديث".
وفي علل الأثرم: "لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده لكفى، فكيف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة".
وقال الدارقطني في العلل: "ويقال: إن أبا إسحاق وهم في هذا عن الأسود؛ لأن عبد الرحمن بن الأسود، والحكم بن عتيبة: روياه، فخالفا أبا إسحاق ... ، [ثم قال بعد ذكر الخلاف:] والصحيح من ذلك: ما رواه عبد الرحمن بن الأسود، وإبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة.
وقال بعض أهل العلم: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، وأن عائشة قالت: ربما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم الغسل، وربما أخره، كما حكى ذلك غضيف بن الحارث، وعبد الله بن أبي فيس، وغيرهما، عن عائشة، وأن الأسود حفظ ذلك عنها، فحفظ عنه أبو إسحاق تأخير الوضوء والغسل، وحفظ عبد الرحمن بن الأسود وإبراهيم تقديم الوضوء على