للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في المجلس (١) واستدل ابن عباس بقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٢) [الكهف/ ٢٤] لأن معناه لما أمره بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فأمره بالاستنناء بالمشيئة صرَّح له بأنه إن نسي الاستثناء به وتذكَّره بعد ذلك قال: إن شاء اللَّه.

وحجة الجمهور قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حلفَ على شيء ثم رأى غيرَه خيرًا منه فليكفِّر عن يمينه وليأتِ الذي هو خير" (٣)، فلو جاز الانفصال لقال: فليَسْتثن ولا داعي إلى التكفير حالة إمكان الاستثناء. قال ابن العربي المالكي (٤): سمعت فتاةً ببغداد تقول لجارتها: لو كان مذهب ابن عباس صحيحًا ما قال اللَّه تعالى لأيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص/ ٤٤] بل يقول له: استثن (٥).


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٨٣٢) عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أملى عليه: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي فقال: يا رسول اللَّه لو أستطيع الجهاد لجاهدت. . . فأنزل اللَّه تبارك وتعالى على رسوله. . {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.
(٢) انظر "الدر المنثور": (٤/ ٣٩٤).
(٣) أخرجه مسلم رقم (١٦٥٠) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٤) "أحكام القرآن": (٢/ ٦٤٧). ونقلها عنه القرطبي في تفسيره.
(٥) كذا أورد المؤلف هذه القصة نقلًا عن "نشر البنود": (١/ ٢٤٠) والظاهر أن قوله: "فتاة" محرفة عن "فاميّ" لأنه الوارد في سياق القصة و"الفامي" هو البقَّال. وإليك القصة كما في كتاب ابن العربي قال: "كان أبو الفضل المراغي يقرأ بمدينة السلام، فكانت الكتب تأتي إليه من بلده فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحدًا، مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه أو يقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام، =