للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولو جاز انفصال الاستثناء لما ثبت إقرارٌ ولا طلاقٌ ولا عتق، لعدم الجزم بثبوت شيء منها لجواز الاستثناء المنفصل، ولم يُعلم صِدْق خبر ولا كذبه أصلًا، لجواز استثناءٍ يَرِدُ عليه يصرفه إلى ما يغيره (١) صادقًا وبالعكس.

وأجيب من قبل الجمهور عن احتجاج ابن عباس بالآية بأمرين:

الأول: أن الاستثناء بالمشيئة له فائدتان: الأولى: رد الأمور إلى مشيئة من هي بيده وهو اللَّه تعالى. والثانية: عدم انعقاد اليمين. والاستثناء يُفيد مع الانفصال في الخروج من عُهدة اللوم المتوجه من عدم رد الأشياء إلى مشيئة من هي بيده، وهو مراد ابن عباس بجواز انفصال الاستثناء. أما


= وقضى غرضًا من الطلب، وعزم على الرحيل = شد رحله وأبرز كتبه، وأخرج تلك الرسائل وقرأ منها ما لو أن واحدة منها قرأها في وقت وصولها ما تمكن بعدها من تحصيل حرف من العلم، فحمد اللَّه تعالى، ورحَّل على دابته قماشه، وخرج على باب الحلبة طريق خراسان، وتقدمه الكريُّ بالدابة، وأقام هو على فاميٍّ يبتاع منه سفرته، فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفاميِّ آخر: أي فُلُ! أما سمعت العالم يقول -يعني الواعظ-: إن ابن عباس يجوِّز الاستثناء ولو بعد سنة، لقد اشتغل بالي بذلك منذ سمعته يقوله، وظللت فيه متفكرًا، ولو كان ذلك صحيحًا لما قال اللَّه تعالى لأيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} وما الذي كان يمنعه من أن يقول حينئذٍ: قل إن شاء اللَّه؟
فلما سمعته يقول ذلك قلت: بلدٌ يكون فيه الفاميون به من العلم في هذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبدًا، واقتفى أثر الكريّ، وحلله من الكِراء، وصرف رحله، وأقام بها حتى مات -رحمه اللَّه- اهـ.
(١) ط: يصيره.