للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: المراد بالعباد في قوله: {عِبَادِي} ما يشمل الملائكة مع صالح الثّقلين فإذًا يلزم كونهم أكثر من الغاوين فينتفي الدليل من الآية.

فالجواب: أنا لو سلمنا أن الصالحين أكثر من الغاوين بهذا الاعتبار فإنه يلزم على ذلك أيضًا جواز استثناء الأكثر في قوله: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} [ص/ ٨٢ - ٨٣]، وادعاء دخول الملائكة في الأول وخروجهم من الثاني تحكُّم لا دليل عليه. واستدل له أيضًا بقوله:

أدّوا التي نقصت تسعين عن مئة ... ثم ابعثوا حكمًا بالعدل قوَّالا (١)

وتكلم بعضُهم في هذا البيت بأنه مصنوع.

. . . . . . . . . . . . . ... ومالًا أوجبَ للأقلِّ

يعني أن الإمام مالكًا -رحمه اللَّه- أوجب كون المستثنى أقلَّ من المستثنى منه، فلو استثنى النصف كقوله: "عليَّ عشرة إلَّا خمسة" بَطَل الاستثناءُ ولزمته العشرة. وأحرى إذا كان المستثنى أكثر نحو: "له عليَّ عشرة إلَّا ستة". وإلى هذا القول ذهب القاضي وغيره، وأكثر النحويين، وهو مذهب الإمام أحمد إلَّا أن استثناء النصف فيه عند الحنابلة خلاف، أما استثناء الأكثر فلا يجوز عندهم، ومشهور المذهب المالكي موافقة الجمهور في استثناء الأكثر كما قال خليل في "مختصره" (٢) الذي قال مبينًا


(١) البيت أنشده ثعلب من أبيات، فيما نقله عنه تلميذه أبو بكر ابن الأنباري في كتابه "الأضداد": (ص/ ١٢٧). والرواية فيه:
أَدُّوا الَّتي نَقَصَتْ سَبْعين من مئة ... ثمَّ ابْعَثوا حَكمًا بالعَدْلِ حَكَّاما
(٢) (ص/ ١٢٠).