وَالصَّدَاقُ يَحْتَمِلُ مِنْ الْجَهَالَةِ فِيهِ فِي الْمَنْصُوصِ، عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ: مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ، وَكُلُّ جَهَالَةٍ تَنْقُصُ عَنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ تَكُونُ أَحَقَّ بِالْجَوَازِ، لَا سِيَّمَا مِثْلُ هَذَا يَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، إنْ اسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ، فَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُ النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَمَتَى لَمْ يُوفِ لَهَا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، فَتَزَوَّجَ، أَوْ تَسَرَّى، فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ، لَكِنْ فِي تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ نِزَاعٌ، لِكَوْنِهِ خِيَارًا مُجْتَهَدًا فِيهِ، كَخِيَارِ الْعُنَّةِ، وَالْعُيُوبِ إذْ فِيهِ خِلَافٌ. أَوْ يُقَالُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ فِي ثُبُوتِهِ وَإِنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْفَسْخِ بِهِ كَخِيَارِ الْمُعْتَقَةِ يَثْبُتُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ: مِثْلُ أَنْ يُفْسَخَ عَلَى التَّرَاخِي.
وَأَصْلُ ذَلِكَ إنْ تَوَقَّفَ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ هَلْ هُوَ الِاجْتِهَادُ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَيْضًا، أَوْ أَنَّ الْفُرْقَةَ يُحْتَاطُ لَهَا؟ وَالْأَقْوَى أَنَّ الْفَسْخَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالْعُنَّةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، لَكِنْ إذَا رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى فِيهِ إمْضَاءَهُ أَمْضَاهُ، وَإِنْ رَأَى إبْطَالَهُ أَبْطَلَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
٥٣١ - ١٣٣ - سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ، وَلَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ، فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ أَحْضَرَتْ شَاهِدَ عَدْلٍ وَجَمَاعَةَ نِسْوَةٍ، وَأَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ، فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ أَمْ لَا؟ وَعَنْ رَجُلٍ وُصِفَ لَهُ شَحْمُ الْخِنْزِيرِ لِمَرَضٍ بِهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَعَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِيَتِيمَةٍ صَغِيرَةٍ وَعَقَدَ عَقْدَهَا شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ وَلَمْ تُدْرِكْ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ، فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ .
أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إنْ كَانَ الصَّدَاقُ ثَابِتًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَرِضَتْ مَرَضَ الْمَوْتِ، لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ الْبَاقِينَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَبْرَأَتْهُ فِي الصِّحَّةِ جَازَ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute