للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِيمَانِ شَاهِدٌ لَهُمْ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ؛ إذْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى إيمَانِهِمْ مِثْلُ مَا مَعَ مُنَازِعِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نِفَاقِهِمْ وَزَنْدَقَتِهِمْ.

وَكَذَلِكَ " النَّسَبُ " قَدْ عُلِمَ أَنَّ جُمْهُورَ الْأُمَّةِ تَطْعَنُ فِي نَسَبِهِمْ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْمَجُوسِ أَوْ الْيَهُودِ هَذَا مَشْهُورٌ مِنْ شَهَادَةِ عُلَمَاءِ الطَّوَائِفِ مِنْ: الْحَنِيفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الْكَلَامِ، وَعُلَمَاءِ النَّسَبِ، وَالْعَامَّةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ ذَكَرَهُ عَامَّةُ الْمُصَنِّفِينَ لِأَخْبَارِ النَّاسِ وَأَيَّامِهِمْ، حَتَّى بَعْضُ مَنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَمْرِهِمْ كَابْنِ الْأَثِيرِ الْمَوْصِلِيِّ فِي تَارِيخِهِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا كَتَبَهُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِخُطُوطِهِمْ فِي الْقَدْحِ فِي نَسَبِهِمْ.

وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُصَنِّفِينَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ حَتَّى الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ فِي تَارِيخِهِ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا بُطْلَانَ نَسَبِهِمْ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَبُو شَامَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، حَتَّى صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ، كَمَا صَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْمَجُوسِ، وَذَكَرَ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ مَا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ شَرٌّ مِنْ مَذَاهِبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ بَلْ وَمِنْ مَذَاهِبِ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إلَهِيَّةَ عَلِيٍّ أَوْ نُبُوَّتَهُ، فَهُمْ أَكْفَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ " الْمُعْتَمَدُ " فَصْلًا طَوِيلًا فِي شَرْحِ زَنْدَقَتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ فَضَائِلَ المستظهرية وَفَضَائِحَ الْبَاطِنِيَّةِ، قَالَ: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ، وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ.

وَكَذَلِكَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ الْمُتَشَيِّعَةِ الَّذِينَ لَا يُفَضِّلُونَ عَلَى عَلِيٍّ غَيْرَهُ؛ بَلْ يُفَسِّقُونَ مَنْ قَاتَلَهُ وَلَمْ يَتُبْ مِنْ قِتَالِهِ: يَجْعَلُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَكَابِرِ الْمُنَافِقِينَ الزَّنَادِقَةِ. فَهَذِهِ مَقَالَةُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي حَقِّهِمْ، فَكَيْفَ تَكُونُ مَقَالَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؟ ،، وَالرَّافِضَةُ الْإِمَامِيَّةُ - مَعَ أَنَّهُمْ مِنْ أَجْهَلِ الْخَلْقِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، وَلَا دِينٌ صَحِيحٌ، وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ نَعَمْ - يَعْلَمُونَ أَنَّ مَقَالَةَ هَؤُلَاءِ مَقَالَةُ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ؛ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَقَالَةَ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةِ شَرٌّ مِنْ مَقَالَةِ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ إلَهِيَّةَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَأَمَّا الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِمْ فَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ الطَّوَائِفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>