قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ أُولَئِكَ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِلَّا فَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَقَدْ اعْتَذَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي كَفَّارَةِ الْعِتْقِ بِعُذْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا انْفِرَادُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي مُعَاوَضَتُهُ بِمَا رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ، وَمَا وَجَدْت أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمَشَاهِيرِ بَلَغَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنْ الصَّحَابَةِ مَا بَلَغَ أَحْمَدَ.
قَالَ الْمَرْوَزِيِّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَيْسَ فِيهِمَا كَفَّارَةٌ، وَقَالَ لَيْسَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ فِي حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ وَذَكَرَتْ الْعِتْقَ فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةٍ، إلَّا التَّيْمِيَّ وَأَمَّا حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُ، فَلَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ.
قَالَ: وَسَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قِصَّةَ امْرَأَتِهِ. وَأَنَّهَا سَأَلَتْ ابْنَ عُمَرَ وَحَفْصَةَ فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ قُلْت فِيهَا الْمَشْيُ. قَالَ: نَعَمْ اذْهَبْ إلَى أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ يَقُولُ فِيهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَّا التَّيْمِيَّ. قُلْت فَإِذَا حَلَفَ بِعِتْقِ مَمْلُوكِهِ فَحَيْثُ قَالَ يُعْتِقُ كَذَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا الْجَارِيَةُ تُعْتَقُ، ثُمَّ قَالَ: مَا سَمِعْنَاهُ إلَّا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ قُلْت فَإِيشْ إسْنَادُهُ، قَالَ: مَعْمَرٌ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، وَهُمَا مَكِّيَّانِ: فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.
وَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَبِأَنَّهُمَا لَا يُكَفِّرَانِ، وَاتَّبَعَ مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ عَارَضَ مَا رُوِيَ مِنْ الْكَفَّارَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ، مَعَ انْفِرَادِ التَّيْمِيِّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَبِي وَإِذَا قَالَ جَارِيَتِي حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَصْنَعْ كَذَا وَكَذَا قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: يُعْتَقُ، وَإِذَا قَالَ بَلْ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، فَإِنَّ ذَا لَا يُشْبِهُ ذَا أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ لَا يُكَفِّرَانِ، وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُونَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا قَالَ مَالِي عَلَى فُلَانٍ صَدَقَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute