إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ. وَفِي لَفْظٍ لَمْ يَحْمِلَ الْخَبَثَ» .
وَبِئْرُ بُضَاعَةَ بِئْرٌ كَسَائِرِ الْآبَارِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ النَّاحِيَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا كَانَتْ عَيْنًا جَارِيَةً فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ عَيْنٌ جَارِيَةٌ أَصْلًا، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا إلَّا الْآبَارُ، مِنْهَا يَتَوَضَّئُونَ وَيَغْتَسِلُونَ، وَيَشْرَبُونَ مِثْلُ: بِئْرِ أَرِيسٍ الَّتِي بِقُبَاءَ، أَوْ الْبِئْرِ الَّتِي بِبَيْرُحَاءَ حَدِيقَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْبِئْرُ الَّتِي اشْتَرَاهَا عُثْمَانُ وَحَبَسَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرُ هَذِهِ الْآبَارِ، وَكَانَ سَقْيُهُمْ لِلنَّخْلِ، وَالزَّرْعِ مِنْ الْآبَارِ، بِالنَّوَاضِحِ وَالسَّوَانِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَا يَأْتِي مِنْ السُّيُولِ، فَأَمَّا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ.
وَهَذِهِ الْعُيُونُ الَّتِي تُسَمَّى عُيُونَ حَمْزَةَ إنَّمَا أَحْدَثَهَا مُعَاوِيَةُ فِي خِلَافَتِهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِنَقْلِ الشُّهَدَاءِ مِنْ مَوْضِعِهَا، فَصَارُوا يَنْبِشُونَهُمْ وَهُمْ رِطَابٌ لَمْ يَنْتُنُوا حَتَّى أَصَابَتْ الْمِسْحَاةُ رِجْلَ أَحَدِهِمْ، فَانْبَعَثَتْ دَمًا، وَكَذَلِكَ عَيْنُ الزَّرْقَاءِ مُحْدَثَةٌ، لَكِنْ لَا أَدْرِي مَتَى أُحْدِثَتْ؟ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنَازِعُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَالِمِينَ بِالْمَدِينَةِ وَأَحْوَالِهِمَا، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ فِي مِثْلِ هَذَا بَعْضُ أَتْبَاعِ عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ، الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خِبْرَةٌ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَدِينَتِهِ، وَسِيرَتِهِ.
وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ الَّتِي يُلْقَى فِيهَا الْحَيْضُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، وَالنَّتْنُ، فَكَيْفَ يَشْرَعُ لَنَا أَنْ نَتَنَزَّهَ عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَتَنَزَّهُ عَمَّا يَفْعَلُهُ، وَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ أَشْيَاءَ أَتَرَخَّصُ فِيهَا؟ وَاَللَّهِ إنِّي لِأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute