الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا» .
عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا يَكُونُ الْقُرْآنُ قَوْلَ بَشَرٍ وَاحِدٍ، بَلْ قَوْلَ أَلْفِ أَلْفِ بَشَرٍ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَفَسَادُ هَذَا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَاضِحٌ، وَإِنْ قَالَ كَلَامَ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ عُلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ الْمُبَلِّغَ الْقُرْآنُ لَيْسَ كَلَامَهُ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الرَّسُولُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ شَيْطَانٌ بَيَّنَ اللَّهُ أَنَّهُ تَبْلِيغُ مَلَكٍ كَرِيمٍ، لَا تَبْلِيغُ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ، وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: ١٩] {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: ٢٠] ، إلَى قَوْلِهِ {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [التكوير: ٢٥] وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الرَّسُولَ الْبَشَرِيَّ الَّذِي صَحِبْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ مِنْهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ مُتَّهَمٍ.
ذَكَرَهُ بِاسْمِ الصَّاحِبِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ النِّعْمَةِ بِهِ عَلَيْنَا إذْ كَمَا لَا نُطِيقُ أَنْ نَتَلَقَّى إلَّا عَمَّنْ صَحِبْنَاهُ، وَكَانَ مِنْ جِنْسِنَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ١٢٨] .
وَقَالَ: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: ١] {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ٢] ، وَبَيَّنَ أَنَّ الرَّسُولَ الَّذِي مِنْ أَنْفُسِنَا وَالرَّسُولَ الْمَلَكِيَّ أَنَّهُمَا مُبَلِّغَانِ، فَكَانَ هَذَا فِي تَحْقِيقِ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ.
فَلَمَّا كَانَ الرَّسُولُ الْبَشَرِيُّ يُقَالُ إنَّهُ مَجْنُونٌ أَوْ مُفْتَرٍ، نَزَّهَهُ عَنْ هَذَا وَهَذَا وَكَذَلِكَ فِي السُّورَةِ الْأُخْرَى، قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute