، فَذَكَرَ الْخَلْقَ عُمُومًا وَخُصُوصًا.
وَذَكَرَ التَّعْلِيمَ عُمُومًا وَخُصُوصًا.
فَالْخَطُّ يُطَابِقُ اللَّفْظَ.
وَاللَّفْظُ يُطَابِقُ الْعِلْمَ.
وَالْعِلْمُ يُطَابِقُ الْمَعْلُومَ.
وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ غَلِطَ فَظَنَّ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي الْمُصْحَفِ كَالْأَعْيَانِ فِي الْوَرَقِ فَظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: ٧٧] {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: ٧٨]
، كَقَوْلِهِ {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف: ١٥٧] فَجَعَلَ إثْبَاتَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ فِي الْمَصَاحِفِ.
كَإِثْبَاتِ الرَّسُولِ فِي الْمَصَاحِفِ وَهَذَا غَلَطٌ وَكَإِثْبَاتِ اسْمِ الرَّسُولِ، هَذَا كَلَامٌ.
وَهَذَا كَلَامٌ.
وَأَمَّا إثْبَاتُ اسْمِ الرَّسُولِ فَهَذَا كَإِثْبَاتِ الْأَعْمَالِ أَوْ كَإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر: ٥٢] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] .
فَثُبُوتُ الْأَعْمَالِ فِي الزُّبُرِ.
وَثُبُوتُ الْقُرْآنِ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ.
هُوَ مِثْلُ كَوْنِ الرَّسُولِ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.
وَلِهَذَا مَثَّلَ سُبْحَانَهُ بِلَفْظِ الزُّبُرِ، وَالْكُتُبُ زُبُرٌ، يُقَالُ زَبَرْت الْكِتَابَ إذَا كَتَبْته وَالزَّبُورُ بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ أَيْ: الْمَكْتُوبِ، فَالْقُرْآنُ نَفْسُهُ لَيْسَ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَكِنْ ذِكْرُهُ، كَمَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُمْ، وَلَكِنْ ذِكْرُهُ، فَثُبُوتُ الرَّسُولِ فِي كُتُبِهِمْ كَثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي كُتُبِهِمْ، بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي الْمَصَاحِفِ، فَإِنَّ نَفْسَ الْقُرْآنِ أَثْبَتُ فِيهَا، فَمَنْ جَعَلَ هَذَا مِثْلَ هَذَا كَانَ ضَلَالُهُ بَيِّنًا، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ نَفْسَ الْمَوْجُودَاتِ وَصِفَاتِهَا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ حَلَّتْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الثَّانِي، وَأَمَّا الْعِلْمُ بِهَا وَالْخَبَرُ عَنْهَا فَيَأْخُذُهُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ، مَعَ بَقَائِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي عِنْدَ الثَّانِي هُوَ نَظِيرُ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْعِلْمَيْنِ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ صَارَتْ وِحْدَةُ الْمَقْصُودِ تُوجِبُ وِحْدَةَ التَّابِعِ لَهُ، وَالدَّلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَرَضٌ فِي تَعَدُّدِ التَّابِعِ كَمَا فِي الِاسْمِ مَعَ الْمُسَمَّى، فَإِنَّ اسْمَ الشَّخْصِ وَإِنْ ذَكَرَهُ