للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْوَقْفَ الْمُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ يَصِحُّ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَهَذَا كَذَلِكَ، وَمَأْخَذُهُ الْوَقْفُ الْمُنْقَطِعُ أَنَّ الْوَقْفَ هَلْ يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ بِغَايَةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ غَيْرِ مَجْهُولَةٍ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَزَالُ وَقْفًا لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ يَعُودُ مِلْكًا يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ، فَإِنْ غَلَبَ جَانِبُ التَّحْرِيمِ فَالتَّحْرِيمُ لَا يَتَوَقَّتُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، وَإِنْ غَلَبَ جَانِبُ التَّمْلِيكِ فَتَوْقِيتُ جَمِيعِهِ قَرِيبٌ مِنْ تَوْقِيتِهِ عَلَى بَعْضِ الْبُطُونِ، كَمَا لَوْ قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو سَنَةً ثُمَّ عَلَى بَكْرٍ سَنَةً وَضَابِطُ الْأَقْوَالِ فِي الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ إمَّا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَإِمَّا عَلَى الْعَصَبَةِ وَإِمَّا عَلَى الْمَصَالِحِ وَإِمَّا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْهُمْ، وَعَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَإِمَّا وَقْفٌ وَإِمَّا مِلْكٌ، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ فِي الْأَقَارِبِ وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ فُقَرَاؤُهُمْ فَيَصِيرُ فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ؛ وَالثَّالِثَ عَشَرَ تَفْصِيلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ يَكُونُ مِلْكًا بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِ إلَى الْعُصَاةِ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَإِذَا اشْتَرَطَ الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ الْمَجْلِسَ بَلْ يُلْحَقُ بِالْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ فَيَصِحُّ مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَجَّلًا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَأَخْذُ رِيعِهِ مَقْبُولٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ قَبُولِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْفُقَهَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَوْ رَدَّهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ بَلْ الْوَقْفُ هُنَا صَحِيحٌ قَوْلًا وَاحِدًا ثُمَّ إنْ قِيلَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِلَّا انْتَقَلَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْقَاقُهُ لِفَوَاتٍ فِيهِ إذْ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ تَتَلَقَّى مِنْ الْوَاقِفِ لَا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

وَمِنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِرَجُلٍ ثُمَّ لِغَيْرِهِ إنْ مَاتَ فَعَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَكَمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْغَالِبِ وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِ النَّاظِرِ الْخَاصِّ مَعَهُ، وَلِلْحَاكِمِ النَّظَرُ الْعَامُّ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يَشْرَعُ، وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ إلَيْهِ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ أَوْ أَضَرَّ فِي تَصَرُّفِهِ مُخَالِفًا لِلشِّرَاءِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيفِهِ فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ، أَوْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ، ثُمَّ إنْ صَارَ هُوَ أَوْ الْوَصِيُّ أَهْلًا عَادَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَكَالْمَوْصُوفِ وَمَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ شَمَلَ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَوْ لَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّظَرُ لَوْ انْفَرَدَ وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، وَلَوْ فَرَضَهُ حَاكِمٌ لَمْ يَكُنْ لِحَاكِمٍ آخَرَ نَقْضُهُ وَلَوْ وَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُكَّامِ شَخْصًا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>