للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَنْبَغِي تَوْلِيَتُهُ، وَلِلنَّاظِرِ إنْسَاخُ كِتَابِ الْوَقْفِ وَالسُّؤَالُ عَنْ حَالِهِ وَأَجْرِهِ وَتَسْجِيلُ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْوَقْفِ كَالْعَادَةِ، وَيَجِبُ عِمَارَةُ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْبُطُونِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ عِمَارَةِ الْوَقْفِ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ أَوْلَى بَلْ قَدْ يَجِبُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبَةِ فِي أَصْلِ الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، وَإِذَا شَرَطَ فِي اسْتِحْقَاقِ رِيعِ الْوَقْفِ الْعُزُوبَةَ فَالْمُتَأَهِّلُ أَحَقُّ مِنْ الْمُتَعَزِّبِ إذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، وَلَوْ شَرَطَ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى أَهْلِ مَدْرَسَةٍ فِي الْقُدْسِ كَانَ الْأَفْضَلُ لِأَهْلِهَا أَنْ يُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْأَقْصَى، وَلَا يَقِفُ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَدْرَسَةِ. وَكَانَ يُفْتِي بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ.

وَيَجُوزُ تَغْيِيرُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ، حَتَّى لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إلَى الْجِهَادِ صُرِفَ إلَى الْجُنْدِ، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ وَعِمَارَتِهِ فَالْقَائِمُونَ بِالْوَظَائِفِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَسْجِدُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَالْحِفْظِ وَالْفَرْشِ وَفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَإِغْلَاقِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ نُصُوصُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ.

مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي وَالنَّاذِرِ وَالْحَالِفِ وَكُلِّ عَاقِدِ يُحْمَلُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَعَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا.

وَالْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ وَالْعُرْفُ الْمُسْتَقِرُّ فِي الْوَقْفِ يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَدُلُّ لَفْظُ الِاسْتِفَاضَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ فَاسِقًا فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يُنَزَّلُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِنْ نُزِّلَ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ، وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ لَهُ: افْعَلْ مَا تَشَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ، حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ أَوْ مَا يَرَاهُ مُطْلَقًا فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا مُبَاحًا وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، حَتَّى لَوْ تَسَاوَى فِعْلَانِ عُمِلَ بِالْقُرْعَةِ، وَإِذَا قِيلَ هُنَا بِالتَّخْيِيرِ فَلَهُ وَجْهٌ وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ وَمَعَ الِاسْتِنْبَاهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَادِلًا سَاغَ لَهُ الِاجْتِهَادُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>