يَقُولَ النَّاسُ فِيهِ لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، كَمَا نُقِلَ عَنْ شُرَيْحٍ وَسَوَّارٍ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ وَجَدْت الْقَاضِيَ قَدْ احْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا اثْنَيْنِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ؛ بِمَنْزِلَةِ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِ وَالْقَائِفِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَسْمُوعِ وَمِثْلُهُ الْمُزَكِّي وَالتَّفْلِيسُ وَالرُّشْدُ وَنَحْوُهَا فَإِنَّ هَذَا كُلُّهُ إثْبَاتُ صِفَاتٍ اجْتِهَادِيَّةٍ وَيُقْبَلُ فِي التَّرْجَمَةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّعْرِيفِ وَالرِّسَالَةِ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَيُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِاسْتِفَاضَةٍ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُزَكِّي هُوَ عَدْلٌ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَدُوَّ الْمُعَدِّلِ، وَشَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ مَقْبُولَةٌ فَوُجُودُ الْعَدَاوَةِ لَا يَمْنَعُ التَّزْكِيَةَ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُزَكِّي وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى غَرِيمٍ لِلْمَيِّتِ فَيُزَكِّي قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْمُدَّعِي كَالدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ حَقًّا عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى الْبَتَاتِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْعِلْمَ أَوْ طَلَبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ الْيَمِينَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَهُنَا يُتَوَجَّهُ الْقَوْلَانِ.
وَالْقَوْلُ بِالرَّدِّ أَرْجَحُ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى جِهَةِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ الْمُتَجَاحِدَيْنِ وَلَوْ وَصَّى لِطِفْلَةٍ صَغِيرَةٍ تَحْتَ نَظَرِ أَبِيهَا بِمَبْلَغٍ دُونَ الثُّلُثِ وَتُوُفِّيَتْ الْمُوصِيَةُ وَقُتِلَ وَالِدُ الطِّفْلَةِ فَيُحْكَمُ لِلطِّفْلَةِ بِمَا يَثْبُتُ لَهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا يَحْلِفُ وَالِدُهَا وَلَا يُوقَفُ الْحُكْمُ إلَى بُلُوغِهَا وَحَلِفِهَا بِلَا نِزَاعٍ بَلْ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا لَوْ ثَبَتَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ حَقٌّ عَلَى غَائِبٍ بِمَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ بَالِغًا عَاقِلًا لَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ يُحْكَمُ بِهِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَا يَحْلِفُ وَلِيُّهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُلَمَاءُ تَحْلِيفَ الْبَالِغِ الْمُوصَى لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِي الرَّجُلِ يُقِيمُ الشُّهُودَ أَيَسْتَقِيمُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ: احْلِفْ فَقَالَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَيُقِيمُ ذَلِكَ قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ فِي رَجُلٍ جَاءَ بِشُهُودٍ عَلَى حَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَحْلِفْهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُدَّعِي الْيَمِينُ فَحَمَلَ الْقَاضِي الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَلَى مَا إذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute