وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ أَرْكَانُ تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ، مِنْهُمْ: إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَسَنَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَقْوَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَدِلَّةِ.
وَأَمَّا أَقْوَالُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ، وَلَا الْمَرْأَةُ قَالَ: " إنْ كَانَ إنَّمَا نَكَحَهَا لِيُحِلَّهَا فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُمَا، وَلَا تَحِلُّ ". وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: " إذَا هَمَّ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ، أَوْ الْمَرْأَةُ، أَوْ الزَّوْجُ الْأَخِيرُ، بِالتَّحْلِيلِ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ " رَوَاهُمَا حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " أَمَّا النَّاسُ فَيَقُولُونَ حَتَّى يُجَامِعَهَا، وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَنَا أَقُولُ: إذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إحْلَالًا لَهَا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ " رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ: " لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ إذَا كَانَ تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا ". وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَقَالَ: إنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَنَدِمَ وَنَدِمَتْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ فَأَتَزَوَّجَهَا وَأُصْدِقَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ أَدْخُلَ بِهَا كَمَا يَدْخُلُ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ، ثُمَّ أُطَلِّقَهَا حَتَّى تَحِلَّ لِزَوْجِهَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: " اتَّقِ اللَّهَ يَا فَتَى وَلَا تَكُونَنَّ مِسْمَارَ نَارٍ لِحُدُودِ اللَّهِ ". رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
، يُرِيدُ الْحَسَنُ أَنَّ الْمِسْمَارَ هُوَ الَّذِي يُثَبِّتُ الشَّيْءَ الْمَسْمُورَ، فَكَذَلِكَ أَنْتَ تُثَبِّتُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا وَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ. وَعَنْ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَا: " إذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بِالتَّحْلِيلِ فَقَدْ فَسَدَ الْعَقْدُ ". رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَيَنْطَلِقُ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَحَزَّنُ لَهُ فَيَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ مِنْهُ فَقَالَ: إنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا لَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا يُرِيدُ إمْسَاكَهَا فَقَدْ أُحِلَّتْ لَهُ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute