وَعَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً كَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: أَيُطَلِّقُهَا لِتَرْجِعَ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ؟ فَقَالَ: " لَا حَتَّى يُحَدِّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ يَعْمُرُ مَعَهَا وَتَعْمُرُ مَعَهُ ". رَوَاهُمَا الْجُوزَجَانِيُّ هَكَذَا لَفْظُ هَذَا الْأَثَرِ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: " لَا يُحِلُّهَا إلَّا نِكَاحُ رَغْبَةٍ ".
فَإِنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا لَا تَحِلُّ. وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ قَصَدَ إلَى التَّحْلِيلِ. وَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ، نَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: " إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا " قَالَ: " وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ".
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْت لِأَحْمَدَ: سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا، قَالَ: " لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَقْبِلَ نِكَاحًا جَدِيدًا ". قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: كَمَا قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ أَصْحَابِهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، وَفِي نَفْسِهِ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ فَقَالَ: " هُوَ مُحَلِّلٌ، وَإِذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِحْلَالَ فَهُوَ مَلْعُونٌ ". قَالَ: وَبِهِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد الْهَاشِمِيَّ - وَأَبُو خَيْثَمَةَ يَعْنِي - زُهَيْرَ بْنَ حَرْبٍ -، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ يَعْنِي أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ -: " لَسْتُ أَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِهَذَا النِّكَاحِ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْأَثَرِيِّ وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ: " إذَا تَزَوَّجَهَا يُرِيدُ التَّحْلِيلَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا، فَرَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ هَذَا نِكَاحًا صَحِيحًا " وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ أَيْضًا فِي الَّذِي يُطَلِّقُ ثَلَاثًا: " لَا تَحِلُّ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute