خُسِفَ بِقَارُونَ، لِأَنَّ فِي الْخَمْرِ وَالْحَرِيرِ وَالْمَعَازِفِ مِنْ الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ مَا فِي الزِّينَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا قَارُونُ عَلَى قَوْمِهِ. فَلَمَّا مَسَخُوا دِينَ اللَّهِ مَسَخَهُمْ اللَّهُ، وَلَمَّا تَكَبَّرُوا عَنْ الْحَقِّ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ.
وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ مِنْهَا: مَا رَوَى فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَبِيتُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، ثُمَّ يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَيُبْعَثُ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَائِهِمْ رِيحٌ فَتَنْسِفُهُمْ كَمَا نَسَفَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِاسْتِحْلَالِهِمْ الْخُمُورَ وَضَرْبِهِمْ بِالدُّفُوفِ وَاِتِّخَاذِهِمْ الْقَيْنَاتِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: إذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ اسْتِحْلَالِ الرِّبَا بِاسْمِ الْبَيْعِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ اسْتِحْلَالِ الْخَمْرِ بِاسْمٍ آخَرَ فَجَمَعَ مِنْ الْمَطَاعِمِ مَا حَرُمَ فِي ذَاتِهِ وَمَا حَرُمَ لِلْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ، فَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ» يَعْنِي الْعِينَةَ وَهَذَا الْمُرْسَلُ بَيِّنٌ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تُسَمَّى بَيْعًا فِي الظَّاهِرِ وَحَقِيقَتُهَا وَمَقْصُودُهَا حَقِيقَةُ الرِّبَا - وَالْمُرْسَلُ صَالِحٌ لِلِاعْتِضَادِ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَلَهُ مِنْ الْمُسْنَدِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعِينَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِينَةَ عِنْدَ مُسْتَحِلِّهَا إنَّمَا يُسَمِّيهَا بَيْعًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهَا رِبًا لَا بَيْعٌ، وَقَدْ رُوِيَ فِي اسْتِحْلَالِ الْفُرُوجِ حَدِيثٌ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute