{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: ٢٧٥] دَلِيلٌ بَيِّنٌ أَنَّ التَّغْلِيظَ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ أَنَّهُ رِبًا، لَا لِأَجْلِ جَهَالَةِ الْأَجَلِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي التَّأْنِيبِ مِنْ الرِّبَا، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ إذَا قَصَدَ التَّوَسُّلَ بِهِ إلَى الثَّانِي وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَغَيْرِهِ.
وَمَا يَشْهَدُ لِمَعْنَى الْعِينَةِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ أَوْ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَبْسُوطًا قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْهَدُ الْأَشْرَارُ وَيُسْتَذَلُّ الْأَخْيَارُ وَيُبَايِعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُطْعَمَ» ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي رَاوِيهِ جَهَالَةٌ فَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ رَوَاهُ سَعِيدٌ. قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ كَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: بَلَغَنِي، عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حَدَّثَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ بَعْدَ زَمَانِكُمْ هَذَا زَمَانًا عَضُوضًا يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ» . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩]
وَيَنْهَدُ شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ يُبَايِعُونَ كُلَّ مُضْطَرٍّ أَلَا إنَّ بَيْعَ الْمُضْطَرِّ حَرَامٌ. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ إنْ كَانَ عِنْدَك خَيْرٌ فَعُدْ بِهِ عَلَى أَخِيك وَلَا تَزِدْهُ هَلَاكًا إلَى هَلَاكِهِ.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ بِهِ حُجَّةٌ فَهُوَ يُعَضِّدُ الْأَوَّلَ مَعَ أَنَّهُ خَبَرُ صِدْقٍ بَلْ هُوَ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْعِينَةِ إنَّمَا تَقَعُ مِنْ رَجُلٍ مُضْطَرٍّ إلَى نَفَقَةٍ يَضَنُّ عَلَيْهِ الْمُوسِرُ بِالْقَرْضِ، لَا أَنْ يَرْبَحُوا فِي الْمِائَةِ مَا أَحَبُّوا فَيَبِيعُونَهُ ثَمَنَ الْمِائَةِ بِضِعْفِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute