للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا. مِثْلُ كَوْنِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. وَأَنَّ الْجِمَاعَ الْمُجَرَّدَ عَنْ إنْزَالٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ. وَأَنَّ رِبَا الْفَضْلِ وَالْمُتْعَةَ حَرَامٌ، وَأَنَّ النَّبِيذَ حَرَامٌ، وَأَنَّ السُّنَّةَ فِي الرُّكُوعِ الْأَخْذُ بِالرُّكَبِ، وَأَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ رُبُعِ دِينَارٍ، وَأَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي. وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ. وَأَنَّ الْحَاجَّ يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ يَكْفِي فِيهِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى الْكُوعَيْنِ. وَأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ حَضَرًا وَسَفْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكَادُ يُحْصَى. وَبِالْجُمْلَةِ مَنْ بَلَغَهُ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عُذْرٌ بِتَقْلِيدِ مَنْ يَنْهَاهُ عَنْ تَقْلِيدِهِ.

وَنَقُولُ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَقُولَ مَا قُلْت حَتَّى تَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْت، أَوْ تَقُولَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَلَا تَعْبَأْ بِقَوْلِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعَلِّمُ هَذِهِ الْحِيَلَ وَيُفْتِي بِهَا هُوَ وَلَا أَصْحَابُهُ، وَأَنَّهَا لَا تَلِيقُ بِدِينِ اللَّهِ أَصْلًا، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ أَكْثَرَ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الدِّينِ.

الْوَجْهِ الرَّابِعِ: إنَّا لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْحِيَلَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ - كَمَا يَخْتَارُهُ فِي بَعْضِهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ - فَإِنَّا إنَّمَا بَيَّنَّا الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى تَحْرِيمِهَا كَمَا فِي سَائِرِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، فَأَمَّا جَوَازُ تَقْلِيدِ مَنْ يُخَالِفُ فِيهَا وَيُسَوِّغُ الْخِلَافَ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاضِعِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا مِمَّا يَخْتَصُّ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ الْمَسَائِلِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنْ يُجِيبَ عَنْ السُّؤَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَمَنْ وَضَحَ لَهُ الْحَقُّ وَجَبَ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ، وَمَنْ لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ الْحَقُّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَمْثَالِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَحْدَثُوا حِيَلًا لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِهَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَنَسَبُوهَا إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ، وَهُمْ مُخْطِئُونَ فِي نَسَبِهَا لَا إلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعُونَهُ خَطَأً بَيِّنًا يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ نُصُوصَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ مَعْرُوفًا بِأَنْ يَفْعَلَ الْحِيَلَ وَلَا يَدُلَّ عَلَيْهَا وَلَا يُشِيرَ عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَسْلُكَهَا وَلَا يَأْمُرَ بِهَا مَنْ اسْتَنْصَحَهُ. بَلْ هُوَ يَكْرَهُهَا وَيَنْهَى عَنْهَا بَعْضَهَا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَبَعْضَهَا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْحِيَلِ أَوْ أَكْثَرُ الْحِيَلِ الْمُضَافَةِ إلَى مَذْهَبِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>