الْأَسْبَابِ لِمَنْ يَقْصِدُ بِهَا الصَّلَاحَ، فَقَالَ فِي الرَّجْعَةِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] وَقَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٣٠] وَقَالَ: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١] وَقَالَ فِي الْوَصِيَّةِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] فَأَبَاحَ الْوَصِيَّةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضِرَارٌ لِلْوَرَثَةِ قَصْدًا أَوْ فِعْلًا كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٨٢] وَقَالَ: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: ٣٩] وَقَالَ: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] وَهُوَ أَنْ تُهْدِيَ لِيُهْدَى إلَيْك أَكْثَرُ مِمَّا أَهْدَيْتَ، فَإِنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صُوَرَ الْعُقُودِ غَيْرُ كَافِيَةٍ فِي حِلِّهَا وَحُصُولِ أَحْكَامِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا قَصْدًا فَاسِدًا، وَكُلُّ مَا لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ كَانَ عِوَضًا فَاسِدًا فَقَصْدُهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَالِحًا لَمْ يَحْرُمْ اشْتِرَاطُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَإِذَا كَانَ الْعِوَضُ الْمَشْرُوطُ بَاطِلًا عَلِمْنَا أَنَّهُ يُحِلُّ حَرَامًا أَوْ يُحَرِّمُ حَلَالًا فَيَكُونُ فَاسِدًا فَتَكُونُ النِّيَّةُ أَيْضًا فَاسِدَةً فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الْحِيَلِ وَإِبْطَالِهَا، وَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا بَلْ هِيَ أَوْكَدُ الْحُجَجِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ تَقْرِيرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بَلْ وَلَا بَيْنَ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِينَا بَعْضُ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute