غَيْرَ مُقَيِّدٍ لِلْحِلِّ بَاطِلًا، وَأَنَّ الِانْتِفَاعَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِهِ لَيْسَ هُوَ حَلَالًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَفَا اللَّهِ عَنْهُ، فَمَا دَامَ مُسْتَصْحِبًا لِعَدَمِ الْعِلْمِ، فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْت، فَإِنْ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فَحُكْمُهُ مَعْرُوفٌ إنْ كَانَ نِكَاحًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَيَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَالْوَطْءُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ وَالنَّسَبِ وَإِدْرَاءِ الْحَدِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ إرْثٌ وَلَا جَوَازُ اسْتِدَامَةٍ وَهَلْ تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَيَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَوْ تَجِبُ فِيهِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَيُوجِبُ الْإِحْدَادَ - فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ. عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَمَسْأَلَةُ التَّحْلِيلِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَإِنَّ قَصْدَ التَّحْلِيلِ إنَّمَا حُرِّمَ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا بِقَصْدِ التَّحْلِيلِ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَةٌ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَعِيبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ لَجَازَ الْعَقْدُ مَعَهُ، لَكِنَّ الْخَلَلَ هُنَا لَمْ يَقَعْ فِي أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدِ، وَلَا فِي مَحَلِّيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الَّذِي يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِإِفْسَادِهِ لِلْعَقْدِ دُونَ الْآخَرِ، نَعَمْ الْجَهْلُ هُنَاكَ هُوَ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ النَّوْعِيِّ، وَالْجَهْلُ هُنَا هُوَ بِوَصْفِ الْعَقْدِ الْمُعَيَّنِ، وَهَذَا الْوَصْفُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِصِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ هُنَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، كَرِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ لَا تَعْلَمَ الْمُعْتَقَةُ قَدْ أُعْتِقَتْ وَبَيْنَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ أُعْتِقَتْ، وَلَا تَعْلَمَ أَنَّ لِلْمُعْتَقَةِ الْخِيَارَ وَإِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ كَمَا وَصَفْته لَك، وَالْوَطْءُ وَالِاسْتِمْتَاعُ حَرَامٌ عَلَى الزَّوْجِ فِي مِثْلِ هَذَا وِفَاقًا وَهَلْ هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَاطِنِ أَوْ لَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ لَا يَعُودُ إلَى أَمْرٍ عَمَلِيٍّ، وَفَعَلَهَا فِي الظَّاهِرِ هَلْ هُوَ حَلَالٌ أَوْ عَفْوٌ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا. أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي، فَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُؤَاخَذُ وَأَشْبَهُ شَيْءٍ بِهَذَا الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي الْعَقْدِ، مَا لَوْ كَانَ الْخَلَلُ حَاصِلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الرَّجُلُ وَتَزَوَّجَتْ بِهِ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ إحْرَامَهُ، بِأَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ وَكِيلُهُ فِي غَيْبَتِهِ، أَوْ تَتَزَوَّجَهُ وَيَكُونُ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ أَوْ تَحْتَهُ أُخْتُهَا أَوْ خَالَتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ؛ أَوْ تَتَزَوَّجُهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ مُنَافِقٌ، لَا تَعْلَمُ دِينَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ، الَّتِي يَكُونُ مُحَرَّمًا عَلَيْهَا بِصِفَةٍ عَارِضَةٍ فِيهِ، لَا تَعْلَمُ بِهَا.
ثُمَّ قَدْ تَزُولُ تِلْكَ الصِّفَةُ؛ وَقَدْ لَا تَزُولُ، وَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute