للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ مَقْصُودًا، وَكَذَلِكَ إذَا نَوَاهُ السَّيِّدُ وَالزَّوْجَةُ، فَإِنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْفُرْقَةَ شَرْعًا بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِي الزَّوْجِ، فَإِذَا قَصَدَ ذَلِكَ خَرَجَ الْعَقْدُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا مِمَّنْ يَمْلِكُ رَفْعَهُ شَرْعًا، لَا سِيَّمَا وَالسَّيِّدُ بِمَنْزِلَةِ الزَّوْجِ فِي النِّكَاحِ، وَالسَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي النِّكَاحِ بِمَنْزِلَةِ الزَّوْجِ الْحُرِّ، فَهُوَ يَمْلِكُ الْعَقْدَ بِمُوَاطَأَةِ الْمَرْأَةِ، فَنِيَّتُهُ لِلْفَسْخِ كَنِيَّةِ الزَّوْجِ، إذْ النِّكَاحُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُوجَدْ لِلزَّوْجِ إذْنُ رَغْبَةٍ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى رَغْبَتِهَا إذَا رَضِيَتْ بِالْعَقْدِ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهَا إذَا مَلَّكَتْ اسْتَوَى الْحَالُ فِي رَغْبَتِهَا وَعَدَمِ رَغْبَتِهَا.

وَبِالْحَمَلَةِ فَهَذِهِ قَصَدَتْ الْفَسْخَ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ، فَالْوَاجِبُ أَنْ تَلْحَقَ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمُحَرَّمُ يُوجِبُ الْفَسْخَ مُبَاشَرَةً أَوْ بِطَرِيقِ التَّسَبُّبِ الْمُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا، أَوْ السَّبَبِ الْمُغَلَّبِ بِالْمُبَاشَرَةِ.

الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ تَقْصِدَ وَقْتَ الْعَقْدِ الْفُرْقَةَ بِسَبَبِ تَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ، وَمِثْلُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِفَقِيرٍ تَنْوِي طَلَبَ فُرْقَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، فَإِنَّهَا تَمْلِكُ ذَلِكَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بِمُعْسِرٍ ثُمَّ سَخِطَتْهُ فَفِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ، فَهَذِهِ إلَى الْمُحَلِّلِ أَقْرَبُ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا، إذْ السَّبَبُ هُنَا مَمْلُوكٌ لَهَا شَرْعًا، كَطَلَاقِ الْمُحَلِّلِ وَبَيْعِ الزَّوْجِ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَمْ أَعْلَمُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ نَاقِصٌ عَنِّي لَيْسَ بِكُفْءٍ، أَوْ لَمْ أَعْلَمُ أَنَّهُ مَعِيبٌ فَإِنَّ هَذَا يُثْبِتُ لَهَا الْفَسْخَ. لَكِنْ إذَا نَوَتْ ذَلِكَ فَقَدْ نَوَتْ الْكَذِبَ فَتَصِيرُ مِنْ جِنْسِ الَّتِي قَبْلَهَا إذَا نَوَتْ الْإِرْضَاعَ أَوْ الْمُبَاشَرَةَ، وَهَذَا أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الْكَذِبَ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَقْوَالِ لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ، وَإِنَّمَا يُفَارِقُ الْمُحَلِّلُ فِي جَوَازِ التَّوْبَةِ.

وَمَسْأَلَةُ الْمُعْسِرِ مُحْتَمَلٌ فِيهَا تَجَرُّدُ الْيَسَارِ فَلَيْسَ الْمَنْوِيُّ هُنَا مَقْطُوعًا بِإِمْكَانِهِ كَنِيَّةِ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ، وَهَذَا الْقَدْرُ لَيْسَ بِمُؤَثِّرٍ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَبِيعَهَا الْعَبْدَ أَيْضًا بِأَنْ يَحْدُثَ لَهُ عِتْقٌ أَوْ يَمُوتَ الْمُطَلِّقُ أَوْ يَرْجِعَ السَّيِّدُ عَنْ هَذِهِ النِّيَّةِ.

وَمَسْأَلَةُ التَّزْوِيجِ بِمُعْسِرٍ وَنَحْوِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ قَدْ نَوَاهَا مَنْ يَمْلِكُهَا، وَمَتَى نَوَاهَا مَنْ يَمْلِكُهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَحْدَهَا أَوْ الزَّوْجَةُ وَأَجْنَبِيٌّ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَمَةً فَاتَّفَقَتْ هِيَ وَسَيِّدُهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِعَبْدٍ ثُمَّ يَعْتِقَهَا، فَإِنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى فُرْقَةٍ لَا يَمْلِكُهَا الزَّوْجُ، مِثْلَ مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا الزَّوْجَ الْعَبْدَ، وَسَائِرُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَصَدَتْ الْفُرْقَةَ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ مِثْلِ دَعْوَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْعُسْرَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>