للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ بِتَمَامِهِ وَاخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ بِتَمَامِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَمَّا قَوْلُهُ {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] وَ {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: ٢٢٠] {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤] فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَسَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَلْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ هَذَا لَفْظُ الْحُمَيْدِيِّ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْبَرْقَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ إبْرَاهِيمَ الْبُوشْنَجِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ قَالَ إنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَلْهُ غَيْرُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ يُوسُفَ وَلَفْظُ السَّائِلِ فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى وَلَفْظُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ يُقَالُ جَعَلْت زَيْدًا عَالِمًا إذْ جَعَلْته فِي نَفْسِك وَجَعَلْته عَالِمًا إذَا جَعَلْته فِي نَفْسِي أَيْ اعْتَقَدْته عَالِمًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: ١٩] أَيْ اعْتَقَدُوهُمْ {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا} [النحل: ٩١] أَيْ فِي نُفُوسِكُمْ بِمَا عَقَدْتُمُوهُ مِنْ الْيَمِينِ.

فَقَوْلُهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَسَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ يَخْرُجُ عَلَى الثَّانِي أَيْ هُوَ الَّذِي حَكَمَ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ بِثُبُوتِهِ لَهُ وَسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَنْحَلْهُ ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ: وَكَانَ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ الْخَلْقُ هُمْ الَّذِينَ حَكَمُوا بِذَلِكَ لَهُ وَسَمَّوْهُ بِذَلِكَ فَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنْ نِحْلَةِ الْخَلْقِ لَهُ لَكَانَ مُحْدَثًا لَهُ بِحُدُوثِ الْخَلْقِ فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي سَمَّى نَفْسَهُ وَجَعَلَ نَفْسَهُ كَذَلِكَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ فَلِهَذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ وَلِهَذَا اتَّبَعَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ ذَلِكَ كَقَوْلِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لَمْ يَزَلْ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا غَفُورًا وَقَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ لَمْ يَزَلْ اللَّهُ عَالِمًا قَادِرًا مَالِكًا لَا مَتَى وَلَا كَيْفَ وَلِهَذَا احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَاذَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ فَقَالَ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ» . فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ يَعُوذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>