للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ حِينَ يُمْسِي أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» .

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ

قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ أُعِيذُك بِالسَّمَاءِ أَوْ بِالْجِبَالِ أَوْ بِالْأَنْبِيَاءِ أَوْ بِالْمَلَائِكَةِ أَوْ بِالْعَرْشِ أَوْ بِالْأَرْضِ أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ وَلَا يَعُوذُ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ بِكَلِمَاتِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لَكِنْ نُقِلَ احْتِجَاجُ أَحْمَدَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَعُورِضَ بِمُعَارَضَةٍ فَلَمْ يُجِبْ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ مَخْلُوقٍ بِمَخْلُوقٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَهِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَسْتَعِيذُ بِذَاتِهِ وَذَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ ثُمَّ قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا مِنْ مَخْلُوقٍ إلَّا وَفِيهِ نَقْصٌ. قُلْت:

احْتِجَاجُ أَحْمَدَ هُوَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ كَمَا حَكَيْنَا لَفْظَ الْمَرُّوذِيِّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي عَرَضَهُ عَلَى أَحْمَدَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا ثُمَّ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ دُونَ الْمَعَانِي ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا مُتَنَاقِضٌ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتِ الَّتِي سَمِعَهَا مُوسَى عِبْرِيَّةٌ وَاَلَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ عَرَبِيَّةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ إلَّا مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ قَدْرَ مُشْتَرَكٍ أَصْلُهُ بَلْ كَانَ يَكُونُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ سَمِعَ هَذِهِ الْأَصْوَاتَ الَّتِي لَمْ يَسْمَعْهَا كَذِبٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ حَكَى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا بِلُغَتِهِمْ وَقَدْ حَكَى اللَّهُ ذَلِكَ بِاللُّغَةِ الَّتِي أَنْزَلَ بِهَا الْقُرْآنَ وَهِيَ الْعَرَبِيَّةُ وَكَلَامُ اللَّهِ صِدْقٌ فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَالْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ الَّتِي قَالُوهَا لَيْسَتْ مِثْلَ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ الْحِكَايَةُ عَنْهُمْ مُطْلَقًا بَلْ كَلَامُهُمْ كَانَ حُرُوفًا وَمَعَانِيَ فَحَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ بِلُغَةٍ أُخْرَى وَالْحُرُوفُ تَابِعَةٌ لِلْمَعَانِي وَالْمَعَانِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ.

كَمَا يُتَرْجِمُ كَلَامُ سَائِرِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهَؤُلَاءِ الْمُثْبِتَةُ الَّذِينَ وَافَقُوا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَوَافَقُوا الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ هُوَ إلَّا مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ يَقُولُونَ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ الْقَائِمَ بِهِ لَيْسَ هُوَ إلَّا مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي بَيَّنْته أَيْضًا فِي جَوَابِ الْمِحْنَةِ وَبَيَّنْت أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>