للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ وَقْتٍ إمَامًا مَعْصُومًا لِأَنَّهُ لُطْفٌ فِي التَّكْلِيفِ وَاللُّطْفُ عَلَى اللَّهِ وَاجِبٌ وَيَحْتَجُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِأَقْيِسَةٍ يَذْكُرُونَهَا.

كَمَا ثَبَتَ هَذَا وَنَحْوُهُ أَنَّ الْكَلَامَ مَعْنًى مُبَايِنٌ لِلْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ بِأَقْيِسَةٍ يَذْكُرُونَهَا فَإِذَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ وَيَقُولُونَ إنَّ الْمَعْصُومَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ إذْ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِالْعِصْمَةِ إلَّا النَّصُّ ثُمَّ يَقُولُونَ وَلَا مَنْصُوصَ عَلَيْهِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا عَلِيٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ ادَّعَى النَّصَّ لِغَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لَزِمَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الْبَاطِلِ إذْ الْقَائِلُ قَائِلَانِ قَائِلٌ بِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَقَائِلٌ بِأَنَّهُ لَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ فِيمَا زَعَمُوا بِمَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ وُجُوبِ النَّصِّ عَقْلًا فَيَتَعَيَّنُ صِحَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْحَقُّ وَلَمْ يَكُنْ الْحَقُّ فِي ثَالِثٍ فَهَذَا نَظِيرُ حُجَّتِهِ.

وَلِهَذَا لَمَّا تَكَلَّمْنَا عَلَى بُطْلَانِ هَذِهِ الْحُجَّةِ لَمَّا خَاطَبْتُ الرَّافِضَةَ وَكَتَبْتُ فِي ذَلِكَ مَا يَظْهَرُ بِهِ الْمَقْصُودُ وَأَبْطَلْنَا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُوبِ مَعْصُومٍ وَبَيَّنْت تَنَاقُضَ هَذَا الْأَصْلِ وَامْتِنَاعَ تَوَقُّفِ التَّكْلِيفِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَخَاطَبْتُ بِذَلِكَ أَفْضَلَ مَنْ رَأَيْته مِنْهُمْ وَاعْتَرَفَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَبِالْإِنْصَافِ فِي مُخَاطَبَتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ وَالِاحْتِجَاجَ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّا قُلْنَا لَهُمْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأُمَّةِ لَمْ يَدَّعِ النَّصَّ عَلَى غَيْرِ عَلِيٍّ بَلْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ إنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِنَصٍّ جَلِيٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول بِنَصٍّ خَفِيٍّ، وَأَيْضًا فَالرَّوانْدِيَّةُ تَدَّعِي النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَأَيْضًا فَالْمُدَّعُونَ لِلنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ مُخْتَلِفُونَ فِي أَنْ يُقَالَ النَّصُّ عَنْهُ فِي وَلَدِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ النَّصَّ عَلَى وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَّا مَا ادَّعَوْهُ فِي الْمُنْتَظَرِ بَلْ إخْوَانُهُمْ الشِّيعَةُ يَدَّعُونَ دَعَاوَى مِثْلَ دَعَاوِيهمْ لِغَيْرِ الْمُنْتَظَرِ فَبَطَلَ الْأَصْلُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ إمَامَةُ الْمَعْصُومِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعَصْرِ طَاعَتُهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا طَاعَةُ مَنْ قَدْ مَاتَ بِعَيْنِهِ إلَّا الرَّسُولَ وَإِنَّمَا الْمُتَعَلِّقُ بِنَا مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ وُجُوبِ طَاعَتِنَا لِهَذَا الْحَيِّ الْمَعْصُومِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ النَّصَّ غَيْرُهُمْ فَهَذِهِ الْحِيلَةُ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي تَقْرِيرِ النَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَذِبٍ افْتَرَوْهُ وَقِيَاسٍ وَضَعُوهُ لِنِفَاقِ ذَلِكَ الْكَذِبِ فَإِنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>