للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُون مَحِلًّا لِلْحَوَادِثِ هُوَ مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ مَنْ يَعْرِفُ أُصُولَ الْكَلَامِ وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ أَفْضَلَ مُتَأَخِّرِيهِمْ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ فِي إرْشَادِهِ الَّذِي الْتَزَمَ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ قَوَاطِعَ الْأَدِلَّةِ. فَإِنَّهُ قَالَ فَصْلٌ الْبَارِي تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ آمِرٌ نَاهٍ مُخْبِرٌ وَاعِدٌ مُتَوَعِّدٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي خُلَلِ إثْبَاتِ أَحْكَامِ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ أَنَّ الطَّرِيقَ إلَى إثْبَاتِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الرَّبِّ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا عِنْدَ أُسْتَاذِنَا نَفَى النَّقَائِصَ إلَى السَّمْعِ وَتَوْجِيهِنَا عَلَى أَنْفُسِنَا السُّؤَالَ عَمَّا ثَبَتَ بِالسَّمْعِ قَالَ فَإِذَا صَحَّ كَوْنُ الْبَارِي مُتَكَلِّمًا فَقَدْ آنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي صِفَةِ كَلَامِهِ فَاعْلَمُوا أُوقِيتُمْ الْبِدَعَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ أَزَلِيٍّ لَا مُفْتَتَحَ لِوُجُودِهِ وَأَطْبَقَ الْمُنْتَمُونَ إلَى الْإِسْلَامِ عَلَى إثْبَاتِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَصِرْ مِنْهُمْ صَائِرٌ إلَى نَفْيِهِ وَلَمْ يَنْتَحِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا نِحْلَةَ نُفَاةِ الصِّفَاتِ فِي كَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا حَيًّا ثُمَّ ذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَالزَّيْدِيَّةُ وَالْإِمَامِيَّةِ وَمَنْ عَدَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْبَارِي تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الزَّائِغِينَ حَادِثٌ مُسْتَفْتِحُ الْوُجُودِ وَصَارَ صَائِرُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ إلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْمِيَتِهِ مَخْلُوقًا مَعَ الْقَطْعِ بِحُدُوثِهِ لِمَا فِي لَفْظِ الْمَخْلُوقِ مِنْ إيهَامِ الْخَلْقِ إذْ الْكَلَامُ الْمُخْتَلَقُ هُوَ الَّذِي يُبْدِيهِ الْمُتَكَلِّمُ تَخَرُّصًا مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ وَأَطْلَقَ مُعْظَمُ الْمُعْتَزِلَةِ لَفْظَ الْمَخْلُوقِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَذَهَبَتْ الْكَرَّامِيَّةُ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ قَدِيمٌ وَالْقَوْلَ حَادِثٌ غَيْرُ مُحْدَثٍ وَالْقُرْآنَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الْقُدْرَةُ عَلَى التَّكَلُّمِ وَقَوْلُهُ حَادِثٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى عَلَى قَوْلِ الْمُبْطِلِينَ وَهُوَ غَيْرُ قَائِلٍ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَامَ بِهِ بَلْ هُوَ قَائِلٌ بِالْقَابِلِيَّةِ وَكُلُّ مُفْتَتِحِ وُجُودِهِ قَائِمٌ بِالرَّبِّ فَهُوَ حَادِثٌ بِالْقُدْرَةِ غَيْرُ مُحْدَثٍ وَكُلُّ مُحْدَثٍ مُبَايِنٌ لِلذَّاتِ فَهُوَ مُحْدَثٌ بِقَوْلِهِ كُنْ لَا بِالْقُدْرَةِ فِي هَذَيَانٍ طَوِيلٍ لَا يَسَعُ هَذَا الْمُعْتَقَدَ اسْتِقْصَاؤُهُ وَغَرَضُنَا مِنْ إيضَاحِ الْحَقِّ وَالرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِيهِ لَا يَتَبَيَّنُ إلَّا بَعْدَ عَقْدِ فُصُولٍ فِي مَاهِيَّةِ الْكَلَامِ وَحَقِيقَتِهِ شَاهِدًا حَتَّى إذَا وَضَحَتْ الْأَغْرَاضُ مِنْهَا انْعَطَفْنَا بَعْدَهَا إلَى مَقْصِدِنَا وَقَدْ الْتَزَمْنَا التَّمَسُّكَ بِالْقَوَاطِعِ فِي هَذَا الْمُعْتَقَدِ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ وَآثَرْنَا إجْرَاءَهُ عَلَى خِلَافِ مَا صَادَفْنَا مِنْ مُعْتَقَدَاتِ الْأَئِمَّةِ وَهَذَا الشَّرْطُ يُلْزِمُنَا ظِرَافًا مِنْ الْبَسْطِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ وَهَا نَحْنُ خَائِضُونَ فِيهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي حَدِّ الْكَلَامِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ مَنْ قَامَ بِهِ الْكَلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>