، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٦] . وَقَالَ تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣] .
وَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ} [التوبة: ٦٨] . وَقَالَ تَعَالَى: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: ٨٠] . وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] .
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَرْضَى لَهُمْ مَا عَمِلُوهُ، بَلْ يَسْخَطُهُ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْخَطُ عَلَيْهِمْ وَيَغْضَبُ عَلَيْهِمْ، فَكَيْفَ يُشْرَعُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَرْضَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَسْخَطَ وَيَغْضَبَ لِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ وَيُغْضِبُهُ.
وَإِنَّمَا ضَلَّ هُنَا فَرِيقَانِ مِنْ النَّاسِ: قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ فِي مُنَاظَرَةِ الْقَدَرِيَّةِ، ظَنُّوا أَنَّ مَحَبَّةَ الْحَقِّ وَرِضَاهُ وَغَضَبَهُ وَسَخَطَهُ يَرْجِعُ إلَى إرَادَتِهِ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ مُرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ خِلَافًا لِلْقَدَرِيَّةِ. وَقَالُوا: " هُوَ أَيْضًا مُحِبٌّ لَهَا، مُرِيدٌ لَهَا "، ثُمَّ أَخَذُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، فَقَالُوا: " لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "، بِمَعْنَى لَا يُرِيدُ الْفَسَادَ، أَيْ لَا يُرِيدُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ " وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ "، أَيْ لَا يُرِيدُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ، فَإِنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُحِبُّ الْإِيمَانَ، وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْإِيمَانَ أَيْ لَا يُرِيدُهُ لِلْكَافِرِينَ وَلَا يَرْضَاهُ لِلْكَافِرِينَ.
وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا يُحِبُّهُ. ثُمَّ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute