درجة النبوة درجة عظيمة، فمن أوين له من النبوة كان ذلك مسقطة له لا مكرمة، وهذا لأن في نبي إسرائيل من فرغ نفسه للعبادة ستين سنة كان يرجى له النبوة، فإذا اشتغل بالقضاء انقطع طمعه فيها.
[١٤] ذكر حديث أبي قلاية أنه دعي إلى القضاء فهرب حتى أتي الشام، فوافق ذلك عزل صاحبها، حتى أتى اليمامة، فقال: ما وجدت مثل القاضي إلا مثل سايح في بحر، فكم عسى أن يسبح حتى يغرق.
وهذا لأن الغالب من حال السابح في البحر الهلاك، والنجاة نادرة، فكان من الغالب من حال الداخل في القضاء الهلاك والنجاة نادرة. فكأن حديث أبي قلابة بلغ أبا حنيفة -رحمه الله -حتى قال أبي يوسف: لو أمرت أن اعبر البحر سباحة أكنت أقدر عليه؟!