والثالثة: لو كان المدعي عليه مقرًا بالوكالة صريحًا، منكرًا للمال، فصارت المسائل الثلاث واحدة: وهو ما إذا أقر بالوكالة، وأنكر المال.
ولو أقر بالوكالة، وأنكر المال صار المدعي خصمًا في حق استحلافه على المال، وأخذ المال منه، ولم يصر خصمًا في حق الخصومة، حتى لو أراد المدعي إقامة البينة على المدعي عليه بالمال قبل أن يحلفه على المال، أو بعد ما حلف، لا تسمع.
وإنما كان [ذلك]؛ لأن المدعي إنما يصير خصمًا بالوكالة، والوكالة تثبت بإقرار المدعي عليه، وإقراره حجة على نفسه، وليس بحجة على الغائب، فتثبت وكالة المدعي في حق استخلافه على المال إن كان جاحدًا للمال، وأخذ المال منه إن كان مقرًا؛ لأنه يقتصر عليه ولا يتعدى إلى الغائب، ولم تثبت في حق الخصومة، وإثبات المال عليه بالبينة؛ لأنه لو ثبت كان ذلك قضاء على الغائب، ويتعدى قوله إلى الغائب.
ونظير هذا ما قال أصحابنا: لو أن رجلًا ادعى أن رجلًا يقال له فلان بن فلان الفلاني وكله بطلب كل حق هو له على هذا الرجل، وأن له عليه ألف درهم، فأقر المدعي عليه بالوكالة، وأنكر المال، فقال المدعي له: أنا أقيم البينة أن هذا المال عليه، لم يكن خصمًا في ذلك.