وفي الوجه الثاني: إذا قضى بقول البعض وحكم بذلك ثم رفع إلى قاض آخر يرى خلاف ذلك، فإنه ينفذ هذه القضية، ويمضيها، حتى لو قضي بإبطالها ونقضها ثم رفع إلى قاض آخر فإن هذا القاضي الثالث ينفذ قضاء الأول ويبطل قضاه الثاني؛ لأن قضاء الأول كان في موضع الاجتهاد، والقضاء في المجتهدات نافذ بالإجماع، فكان الثاني بقضائه ببطلان الأول مخالفًا للإجماع، ومخالفة الإجماع ضلال وباطل، فلا يجوز الاعتماد عليه، فعلى القاضي الثالث أن يبطلها وينقضها، وإن كان رأيه بخلاف ذلك، ويستقبل الأمر استقبالًا في الحوادث التي ترفع إليه.
وفي الوجه الثالث: ينقضها ولا ينفذها؛ لأن القول المهجور ساقط الاعتبار في مقابلة الجمهور.
وقوله: لا يكون اختلافًا بل يكون خلافًا، فإنه لما أجمع فقهاء الأمصار على شيء فقول واحد يخالف قولهم يكون خلافًا ولا يكون اختلافًا، فمتى قضى بقوله كان القضاء حاصلًا في موضع الخلاف، والقضاء ينفذ في موضع الاختلاف لا في موضع الخلاف فكان