لأنه إذا لم يكن من أهل الرأي كان الواجب عليه أن يستفتى، ويأخذ بقول المفتى.
وإن كان من أهل الرأي، ورأيه خلاف رأي هذا الفقيه يقض برأيه؛ لأن رأيه صواب عنده، إلا أنه أمر بالمشورة في الابتداء رجاء أن ينضم رأيه إلى رأي غيره، فإذا لم ينضم لا يدع رأيه برأي غيره.
فإن قضى برأيه نفذ قضاؤه.
وإن قضى برأي الفقيه نفذ قضاؤه أيضا عند أبي حنيفة -رحمه الله -.
وعند أبي يوسف ومحمد -رحمها الله -: لا ينفذ، حتى لو صارت الحادثة معلومة للسلطان، كان له أن ينقض ذلك القضاء الذي أمضى.
هما يقولان: أن رأيه صواب عنه، ورأي غيره خطأ عنده، فإذا قضى برأى غيره فقد قضى بما هو خطأ عنده، فلا ينفذ قضاؤه، كما إذا تحرى إلى جهة ثم ترك تلك الجهة وصلى إلى جهة أخرى بتحري غيره لا يجوز، وأن أصاب الكعبة.