قلت: فأيهما الصحيح؟
قال: هذا من عطاء بن السائب كان يرفع الحديث مرة، ويوقفه أخرى، والناس يحدثون من وجوه عن عبد الله، موقوف، ورواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود، موقوف، وذكر أشياء من هذا النحو موقوف" [العلل (٢/ ٢٤٤/ ٢٢٢٤)].
والذي أراه - والله أعلم - أن حماد بن سلمة سمع هذا الحديث من عطاء قبل الاختلاط، وحدث به على الوجه المحفوظ، ولم ينفرد حماد بذلك، فقد تابعه على وقفه عن عطاء، عن مرة، عن ابن مسعود: حماد بن زيد، وابن علية، وجرير، وغيرهم.
أخرجه ابن جرير الطبري (٣/ ٨٨ و ٨٩/ ٦١٧٠ و ٦١٧١ و ٦١٧٣ و ٦١٧٥)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٠١/ ٨٥٣٢).
وحماد بن زيد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط: قاله يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، والنسائي.
ثم إن للحديث طرقًا أخرى موقوفة تؤيد ذلك.
• والخلاصة: أنَّه لم تُرجَّح رواية حماد بن سلمة هنا إلا لأمر خارج عنها، وهو متابعته لمن روى عن عطاء قبل الاختلاط مثل حماد بن زبد، ولموافقته في ذلك طرق الحديث الأخرى، والله أعلم.
• والحاصل: أن حماد بن سلمة شأنه شأن أبي عوانة: سمع من عطاء بن السائب في حال الصحة والاختلاط، ولم يفصل هذا من هذا، كما قال الإمام الناقد يحيى بن سعيد القطان، وله عنه أحاديث مستقيمة كما قال ابن معين وغيره، والأصل في هذه الأحاديث أنَّه لم ينفرد بها دون من روى عن عطاء قبل الاختلاط، أو قامت القرائن على أنَّه حمله عنه حال الصحة دون الاختلاط.
وهذا هو الَّذي ذهب اليه ابن حجر في التهذيب (٣/ ١٠٥)، فقال: "فيحصل لنا من مجموع كلامهم: أن سفيان الثوري، وشعبة، وزهيرًا، وزائدة، وحماد بن زيد، وأيوب، عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم، والظاهر: أنَّه سمع منه مرتين، مرة مع أيوب، كما يومع إليه كلام الدارقطني، ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة، وسمع منه مع جرير وذويه، والله أعلم".
وعليه فهذا الحديث ليس عندنا ما يرجح أنَّه سمعه من عطاء بن السائب قبل الاختلاط في حال الصحة، فهو ضعيف.
وعلى هذا: فالراجح في هذا الحديث أنَّه موقوف.
فقد رواه حماد بن زيد -وهو ممن سمع من عطاء في حال الصحة- عن عطاء، عن زاذان، عن علي، موقوفًا.
ذكره الدارقطني في العلل (٣/ ٢٠٨).
وقال عبد الحق الإشبيلي: "هذا يروى موقوفًا على علي، وهو الأكثر".