أ - فرواه إسحاق بن إبراهيم الدبري [وهو ممن سمع من عبد الرزاق بأخرة بعدما عمي وأضر. شرح العلل لابن رجب (٢/ ٧٥٤)]، عن عبد الرزاق، عن الثوري به، مثل رواية الجماعة.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١/ ٢٧٢/ ١٠٤٦)، وأبو عوانة (٨٦٧ و ٩١٦)، وأبو نعيم (٧٣٧)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٩٦/ ٦٥٧).
ج - وخالفه عبد بن حميد، وأحمد بن منصور الرمادي [وهما ثقتان حافظان]: فروياه عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي - أو: قالت: عقص رأسي - أفأنقضه للجنابة والحيضة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تفرغي عليك ثلاث حفنات، ثم قد طهرت".
أخرجه مسلم (٣٣٠)، ومن طريقه: ابن حزم في المحلى (٢/ ٣٨)، والبيهقي (١/ ١٨١)، وهذا لفظه.
هكذا قال عبد الرزاق - في المحفوظ عنه -، عن الثوري: "أفأنقضه للجنابة والحيضة؟ " فزاد: "والحيضة".
وهي كما ترى: زيادة شاذة، انفرد بها عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، ولم يتابع عليها، وقد رواه عن الثوري بدون هذه الزيادة "والحيضة": يزيد بن هارون، ومخلد بن يزيد، وعمر بن علي المقدمي، وهم أثبت وأكثر من عبد الرزاق، لا سيما وعبد الرزاق ممن كان يهم على الثوري، ولم يكن فيه بالثبت، بل هو في الثوري مثل: قبيصة وأبي حذيفة، ممن يخطئ ويهم على الثوري [انظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٧٢٢)].
ثم إن رواية الجماعة عن الثوري -وهي المحفوظة-: موافقة لرواية من روى الحديث عن أيوب بن موسى من الثقات الحفاظ، مثل: سفيان بن عيينة، وروح بن القاسم، وإبراهيم بن طهمان، فلم يذكروا هذه الزيادة.
وقد أشار مسلم في صحيحه إلى هذا الاختلاف، وإلى تفرد عبد الرزاق بهذه اللفظة التي لم يروها غيره في هذا الحديث، وهذا - رَحِمَهُ اللهُ - إعلال لهذه اللفظة، وبيان بأنها زيادة شاذة مردودة.
قال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (١/ ٢٩٥): "أما حديث أم سلمة، فالصحيح فيه: الاقتصار على ذو الجنابة دون الحيض، وليست لفظة "الحيضة" فيه محفوظة ... ، ورواية الجماعة أولى بالصواب ... ، ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة: ليست محفوظة في الحديث"، ووافقه الألباني في صحيح السنن (٢/ ٤).
وقال ابن رجب في فتح الباري (١/ ٤٨١): "وهذه اللفظة - أعني: لفظة الحيضة - تفرد بها عبد الرزاق عن الثوري، وكأنها غير محفوظة، فقد رواه غير واحد عن الثوري فلم يذكروها.
وقد رويت - أيضًا - هذه اللفظة من حديث: سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة، وسالم: ضعيف؛ والحسن: لم يسمع من أم سلمة".