وفي رواية صحيحة عند النسائي: وما أنقض في شعرًا.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٧٧)، وأعدت ذكره تحت الحديث رقم (٢٤١).
• والاستدلال بهذه الأدلة ظاهر في كون المرأة لا يلزمها أن تنقض شعرها وضفائرها لغسل الجنابة، وهذه الأحاديث الصحيحة نص في المسألة: حديث أم سلمة، وحديث ثوبان، وحديث عائشة.
قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها".
وقال ابن القيم في حاشية السنن (١/ ٢٩٢): "وهذا اتفاق من أهل العلم، إلا ما يحكى عن عبد الله بن عمرو إبراهيم النخعي، أنهما قالا: تنقضه، ولا يعلم لهما موافق، وقد أنكرت عائشة على عبد الله قوله".
• وأما نقض الضفائر لغسل الحيض، فقد استدل فيه بأدلة منها:
١ - حديث عائشة: أنها أهلت بعمرة، ثم قدمت مكة وهي حائض، فلم تطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة".
متفق عليه [البخاري (٢٩٤، وأطرافه)، مسلم (١٢١١)] وسيأتي تخريجه بتمامه إن شاء الله تعالى في "إفراد الحج" من المناسك برقم (١٧٧٨ و ١٧٨١).
فهذا الحديث وإن لم يكن فيه ذكر الاغتسال فقد احتج به البخاري في صحيحه على هذا المعنى فقال: "باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض"، مشيرًا بذلك إلى حديث جابر في صحيح مسلم (١٢١٣) وفيه: "فاغتسلي، ثم أهلي بالحج" ويأتي تخريجه إن شاء الله تعالى برقم (١٧٨٥).
وفي الاستدلال بهذا الحديث على المعنى المقصود إشكال، قال ابن رجب في الفتح (١/ ٤٧٦): "هذا الحديث قد استنبط البخاري - رَحِمَهُ اللهُ - منه حكمين، عقد لها بابين: أحدهما: امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض، والثاني: نقضها شعرها عند غسلها من المحيض. وهذا الحديث لا دلالة فيه على واحد من الأمرين، فإن غسل عائشة الَّذي أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - به لم يكن من الحيض، بل كانت حائضًا وحيضها حينئذ موجود، فإنه لو كان قد انقطع حيضها لطافت للعمرة، ولم تحتج إلى هذا السؤال، ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها، وتهل بالحج، فهو غسل للإحرام في حال الحيض، كما أمر أسماء بنت عميس لما نفست بذي الحليفة أن تغتسل وتهل".
ثم بيَّن ابن رجب وجه استدلال البخاري بهذا فقال (١/ ٤٧٧): "وقد يحمل مراد البخاري - رَحِمَهُ اللهُ - على وجه صحيح، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر عائشة بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسل للإحرام؛ لأنَّ غسل الإحرام لا يتكرر، فلا يشق نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفاس يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يؤمر فيه بنقض الشعر".