للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القيم في الرد على من قال بأن هذا إنما هو في غسل الإحرام لا غسل الحيض، فقال: "وأما قولكم: إنه كان في غسل الإحرام، فصحيح، وقد بيَّنَّا أن غسل الحيض آكد الأغسال، وأمر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لم يأمر به في سواه من زيادة التطهر والمبالغة فيه، فأمرها بنقضه وهو غير رافع لحدث الحيض، تنبيه على وجوب نقضه إذا كان رافعًا لحدثه بطريق الأُولى" [الحاشية (١/ ٢٩٧)].

٢ - حديث عائشة: أن أسماء سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض؟ " فقال: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فنطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا، حتَّى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها فقالت أسماء: وكيف تطهر به؟ فقال: "سبحان الله! فقالت أسماء: وكيف تطهر به؟ فقال: "سبحان الله! تطهرين به"، فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك -: تتبعين أثر الدم.

وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: "تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور أو: تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه، حتَّى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

أخرجه مسلم (٣٣٢/ ٦١)، وسيأتي تخريجه برقم (٣١٣ - ٣١٦) إن شاء الله تعالى.

قال ابن القيم في الحاشية (١/ ٢٩٣): "وهذا دليل على أنَّه لا يكتفى فيه بمجرد إفاضة الماء كغسل الجنابة، ولا سيما فإن في الحديث نفسه: وسألته عن غسل الجنابة ... ، ففرق بين غسل الحيض وغسل الجنابة في هذا الحديث، وجعل غسل الحيض آكد، ولهذا أمر فيه بالسدر المتضمن لنقضه ... ، [ثم ذكر حديث عائشة المتقدم ثم قال:] والأصل نقض الشعر لتيقن وصول الماء إلى ما تحته إلا أنَّه عفي عنه في غسل الجنابة لتكرره، ووقوع المشقة الشديدة في نقضه بخلاف غسل الحيض، فإنه في الشهر أو في الأشهر مرة، ولهذا أمر فيه بثلاثة أشياء لم يأمر بها في غسل الجنابة: أخذ السدر، والفرصة الممسكة، ونقض الشعر" [وانظر: المحلى (٢/ ٣٧)].

وقد يجاب عن ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بالنقض صريحًا، وإنما أمرها بدلكه دلكًا شديدًا حتَّى يبلغ شؤون رأسها، وأمرها في غسل الجنابة بمثل ذلك؛ غير أنَّه لم يقل: "دلكًا شديدًا" [انظر: فتح الباري لابن رجب (١/ ٤٨٠)].

وقال ابن قدامة في المغني (١/ ١٤٣): "ولو كان النقض واجبًا لذكره؛ لأنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه الحيض والجنابة كسائر البدن".

٣ - حديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء فتطهري".

رواه مسلم، وقد تقدم كان شذوذ هذه اللفظة "والحيضة"، وأنها غير محفوظة، راجع الحديث رقم (٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>