بحديث ثابت من حماد، ثم قال: قلت: معمر؛ قال: ومعمر حسن الحديث عن ثابت".
ومن المعلوم أن معمر بن راشد: ضعيف في ثابت البناني، ضعفه فيه: ابن معين، وعلي بن المديني، والعقيلي [انظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٦٩١ و ٨٠٤)].
• ومعلوم أن المحدثين كانوا يعبرون عن المناكير بلفظ الحسن [انظر: الجامع لأخلاق الراوي (٢/ ١٠١/ ١٢٩٥ و ١٢٩٦) وغيره].
ويطلقون الحسن على الغريب والمنكر كثيرًا؛ وهذا منها بدليل ما رواه الخلال، وبذا تتفق الروايتان، وأن الإمام أحمد قد ضعف الحديث، ثم إن عمله به بعد ذلك لا يعني تصحيحه، فمعلوم من مذهبه أنَّه يعمل بالضعيف ويقدمه على القياس، وكذا يعمل بقول الصحابي إذا لم يجد ما يعارضه؛ وهذا منه فإن الحديث موقوف على ابن عباس، صحيح عنه من قوله.
ومما يؤكد هذا المعنى الَّذي ذهبتُ إليه في تفسير كلام الإمام أحمد في رواية أبي داود: أن أبا داود سأله بعد استحسانه للحديث، فقال: فتذهب إليه؟ قال: "نعم، إنما هو كفارة"، فهذا تعليل لعمله بالحديث مع ضعفه عنده، ولو كان صحيحًا لما احتاج إلى هذا التعليل، والله أعلم.
وقال أبو حاتم: "وأما من حديث شعبة: فإن يحيى بن سعيد أسنده، وحكى أن شعبة قال: أسنده في الحكم مرة، ووقفه مرة" [العلل (١/ ٥٠/ ١٢١)].
وقال عبد الحق الإشبيلي: "وهذا الحديث في الكفارة: لا يروي بإسناد يحتج به" [الأحكام الوسطى (١/ ٢١٠)].
وضعفه ابن حزم في المحلى (٢/ ١٨٩) و (٢/ ١٦٨).
• خالف هؤلاء الأئمة فصحح حديث شعبة هذا:
• الحاكم فقال: "هذا حديث صحيح، فقد احتجا جميعًا بمقسم بن نجدة، فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن فإنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجزري: ثقة مأمونًا".
ثم أخرجه من طريق أبي الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس موقوفًا، ثم قال: "قد أرسل هذا الحديث، وأوقف أيضًا، ونحن على أصلنا الَّذي أصلناه أن القول: قول الَّذي يسند ويصل إذا كان ثقة"، وسيأتي كان ما في حلامه من الوهم.
• وصححه ابن القطان، فقال في بيان الوهم (٢٥/ ٢٧٧/ ٤٦٨): "فأما طريق أبي داود هذا فصحيح؛ فإن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: اعتمده أهل الصحيح، منهم البخاري ومسلم، ووثقه النسائي والكوفي [قلت: وابن خراش وابن أبي داود، وابن حبان، والحاكم. التهذيب (٢/ ٤٧٨)، ويحق له، فقد كان محمود السيرة في إمارته على الكوفة لعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، ضابطًا لما يرويه، ومن دونه في الإسناد لا يسأل عنهم.