مقسم، عن ابن عباس - في الَّذي يأتي امرأته وهي حائض - قال: يتصدق بدينار، أو بنصف دينار. هكذا موقوفًا على ابن عباس من قوله.
قال سعيد بن عامر [وهو ثقة مأمون]: قال شعبة: "أما حفظي فمرفوع، وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه، قال بعض القوم: يا أبا بسطام! حدثنا بحفظك، ودعنا من فلان، فقال: والله! ما أحب أني حدثت بهذا وسكت عن هذا، وأني عمرت في الدنيا عمر نوح في قومه".
وقال عبد الرحمن بن مهدي [ثقة ثبت إمام حجة، من أثبت الناس في شعبة]: فقيل لشعبة: إنك كنت ترفعه! قال: "كنت مجنونًا فصححت".
أخرجه النسائي في الكبرى (٨/ ٢٢٩/ ٩٠٥١)، والدارمي (١/ ٢٧٠/ ١١٠٦ و ١١٠٧)، وابن الجارود (١٠٩ و ١١٠)، والطحاوي في المشكل (٣/ ٦٣١ / ٢٢٢٦ - ترتيبه)، والبيهقي (١/ ٣١٤ - ٣١٥ و ٣١٥)، والخطيب في الكفاية (٢٢٤).
قال البيهقي: "فقد رجع شعبة عن رفع الحديث".
• تنبيه: وقع الحديث من طريق سعيد بن عامر عند ابن الجارود (١٠٩) مرفوعًا وفيه: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وما أراها إلا وهمًا من أحد الرواة، والمحفوظ عن سعيد بن عامر: موقوف، كما عند النسائي والدارمي.
٣ - وخالف الجميع: يزيد بن زريع، فرواه عن شعبة: حدثنا الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به مثله.
أخرجه الطحاوي في المشكل (٣/ ٦٣٠/ ٢٢٢٥ - ترتيبه)، قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح: حدثنا بكر بن خلف: حدثنا يزيد بن زريع به.
قلت: وهذا الأخير وهم ظاهر، ولا أظنه من يزيد بن زريع، فإنه: ثقة ثبت، وبكر بن خلف: ثقة، لكن شيخ الطحاوي: يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم أبو زكريا المصري: تكلموا فيه، كان يحدث من غير كتبه، فطعن فيه لأجل ذلك، وكان حافظًا للحديث [التهذيب (٤/ ٣٧٨)]، فالحمل فيه عليه في إسقاط عبد الحميد بن عبد الرحمن من الإسناد، والله أعلم.
• وأما الإسنادان الآخران، أعني المرفوع، والموقوف، فهما: محفوظان صحيحان عن شعبة، حدث بهما شعبة؛ إلا أنَّه أولًا كان يحدث بالمرفوع، ثم تبين له خطأ الرفع، فرجع عنه، وحدث به موقوفًا، كما بيّنت ذلك رواية سعيد بن عامر، ثم رواية عبد الرحمن بن مهدي.
وكلام أبي حاتم يفسر رواية سعيد بن عامر، وما قاله شعبة؛ إذ يقول أبو حاتم: "وأما من حديث شعبة: فإن يحيى بن سعيد أسنده، وحكى أن شعبة قال: أسنده لي الحكم مرة، ووقفه مرة".
وهذا يبين أن الوقف والرفع كان من قِبَل الحكم بن عتيبة نفسه؛ وقد تبين لشعبة خطأ الرفع فتركه، وتحول إلى الوقف.