للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الثوري، ومحمد بن الحسن، وبعض أصحاب الشافعي: يجتنب مواضع الدم.

وممن روي عنه هذا المعنى: ابن عباس، ومسروق، والنخعي، وعكرمة، وهو قول داود بن علي.

ومن حجتهم: حديث ثابت عن أَنس: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء ما خلا النِّكَاح".

ومن حجتهم أيضًا: حديث عائشة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن حيضتك ليست في يدك".

فدل ما في هذا الحديث أن كل عضو منها ليس فيه الحيضة في الطهارة، يعني: ما كان قبل الحيض، ودل على أن الحيض ليس يغير شيئًا من المرأة مما كان عليه قبل الحيض، غير موضع الحيض وحده ...

ثم عاد وقال: ومن حجة من قال بالقول الأول: ما رواه زيد بن أسلم: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يحل في من امرأتي وهي حائض؟ فقال: "لتشد عليها إزارها، ثم شأنك بأعلاها"، وحديث ميمونة، وأم سلمة، وعائشة، على ما ذكرنا في هذا الباب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لم يكن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض إلا وهي متزرة، وهو المبين عن الله مراده قولًا وعملًا - صلى الله عليه وسلم -.

قال أبو عمر: يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - بمباشرة الحائض وهي متزرة على الاحتياط والقطع للذريعة، ولو أنَّه أباح فخذها؛ كان ذلك ذريعة إلى موضع الدم المحرم بإجتماع، فنهى عن ذلك احتياطًا، والمحرم بعينه موضع الأذى، ويشهد لهذا ظاهر القرآن، وإجماع معاني الآثار لئلا يتضاد، وبالله التوفيق".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٢٠٨)، بعد أن ذكر أقوال الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وذكر حجتهم؛ قال: "الأعلى والأفضل اتباع السُّنَّة واستعمالها، ثبت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة رحمها الله أن تتزر ثم يباشرها وهي حائض.

ولا يحرم عندي أن يأتيها دون الفرج؛ إذا اتقى موضع الأذى والفرج، بالكتاب وباتفاق أهل العلم: محرم في حال الحيض، وسائر البدن، إذ اختلفوا فيه على الإباحة التي كانت قبل أن تحيض، وغير جائز تحريم غير الفرج إلا بحجة، ولا حجة مع من منع ذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} إلى قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، فقال غير واحد من علماء الناس: من حيث أمركم الله أن تعتزلوهن في حال الحيض، والمباح منها بعد أن تطهر هو الممنوع منها قبل الطهارة، والفرج محرم في حال الحيض بالكتاب والإجماع، وسائر البدن على الإباحة التي كانت قبل الحيض".

• قلت: وهذا القول أعدل الأقوال عندي، والله أعلم.

وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٤١٤ - ٤١٧): "الاستمتاع ببدن الحائض كلُّه جائز، لا منع فيه سوى الوطء في الفرج، وأنه يستحب أن يكون ذلك من فوق الإزار، خصوصًا في أول الحيض وفورته، وإن اكتفى بستر الفرج وحده جائز، وإن استمتع بها بغير ستر بالكلية

<<  <  ج: ص:  >  >>