"فإنه مشكوك في سماعه إياه: من فاطمة أو من أسماء، وفي متن الحديث ما أنكر على سهيل، وعُدَّ مما ساء فيه حفظه، وظهر أثر تغيره عليه، وكان قد تغير، وذلك أنَّه أحال فيه على الأيام، وذلك أنَّه قال: فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم والقرء، وعن عروة فيه رواية أخرى لم يشك فيها أن التي حدثته هي أسماء، رواها عن سهيل: علي بن عاصم؛ ذكرها الدارقطني ... وذكر أيضًا ... " ثم ساق رواية خالد الطحان عن سهيل.
وقال البيهقي:"هكذا رواه سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة، واختلف فيه عليه، والمشهور: رواية الجمهور: عن الزهري، عن عروة، عن عائشة في شأن أم حبيبة بنت جحش ... ".
• قلت: أخطأ سهيل في هذا الحديث على الزهري في سنده ومتنه وفي اسم المستحاضة: فإن سهيلًا وإن احتج به مسلم، فليس بذاك الحافظ المتقن الَّذي يعتمد على حفظه، فقد كان من يخطئ ويهم، وساء حفظه في آخر عمره، ولما انتقل إلى العراق نسي الكثير من حديثه، وهذا الحديث رواه عنه العراقيون: جرير، وخالد الطحان، وعلي بن عاصم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن سهيلًا ليس من أصحاب الزهري المكثرين عنه، بل هو قليل الحديث جدًّا عن الزهري.
وأما أصحاب الزهري المكثرين عنه: إبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، والليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، والأوزاعي، وابن إسحاق، وابن أبي ذئب، وصالح بن أبي الأخضر:
فهؤلاء تسعة منهم، وفيهم من أثبت أصحابه، وممن طالت صحبتهم له من الطبقة الأولى: ابن عيينة، ويونس:
رووه جميعًا عن الزهري، عن عروة وعمرة - أو: عن أحدهما -، عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلي".
قالت عائشة: فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش، حتَّى تعلو حمرة الدم الماء. وهذا لفظ بعضهم.
أخرجه البخاري (٣٢٧)، ومسلم (٣٣٤) واللفظ له، ويأتي تخريجه قريبًا، والكلام على ألفاظه برقم (٢٨٥ و ٢٨٨ و ٢٨٩ و ٢٩٠ و ٢٩١ و ٢٩٢).
فرواية هؤلاء أولى بالصواب من رواية سهيل، وتدل على عدم حفظه للحديث، والله أعلم.
• والمحفوظ في قصة فاطمة بنت أبي حبيش هو ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ويأتي برقم (٢٨٢).