عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة: أنها رأت ابنة جحش - التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف -، وكانت تستحاض، فكانت تغتسل وتصلي.
فلم يذكروا فيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تغتسل لكل صلاة، كما جاء في رواية الحسين بن ذكوان المعلم، وفي رواية يحيى بن أبي كثير؛ مما يدل على ضعفها وشذوذها.
• وأما الحديث الثاني:
فقد رواه الحسين بن ذكوان المعلم [ثقة، من أثبت أصحاب يحيى]، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية البصري [ثقة، من أثبت أصحاب يحيى]، وعلي بن المبارك الهنائي [ثقة، صاحب يحيى]، ومعاوية بن سلام [ثقة] (٤).
رواه أربعتهم: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم بكر أنها أخبرته [وفي رواية معاوية بن سلام: "أن أم أبي بكر أخبرته"، واختلف على شيبان، فروي عنه على الوجهين: أم بكر، وأم أبي بكر]: أن عائشة قالت: [وفي رواية معاوية بن سلام: "أن عائشة أخبرتها]: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المرأة التي ترى ما يريبها بعد الطهر: "إنما هو عرق - أو قال: عروق -".
أخرجه أبو داود (٢٩٣)، وابن ماجة (٦٤٦)، وابن الجارود (١١٦)، وأحمد (٦/ ٧١ و ١٦٠ و ٢١٥ و ٢٧٩)، وإسحاق (٣/ ١٠٠١/ ١٧٣٦)، والطبراني في مسند الشاميين (٤/ ٩٥/ ٢٨٣١)، والبيهقي (١/ ٣٣٧).
وانظر في الاختلاف على يحيى في "أم بكر"، أو: "أم أبي بكر": علل الحديث لابن أبي حاتم (١/ ٥٠/ ١١٨) (١/ ٥٧٦/ ١١٨ - نسخة سعد الحميد). تحفة الأشراف (١١/ ٨٨٧)، النكت الظراف، الإتحاف (١٧/ ٧٩٢).
وهذا حديث ضعيف.
أم بكر أو أم أبي بكر: لا تعرف [الميزان (٤/ ٦١١)، التقريب (٧٧١)].
وقد ظن بعضهم أن هذا الحديث يشهد له ما تقدم من طرفي، عن عائشة في قصة أم حبيبة، وفاطمة بنت أبي حبيش، والصواب خلافه.
وذلك لأنَّ قولها: "بعد الطهر" ظاهر في حصول الطهر بعد الحيض، ويبعد حمله على استمرار الدم وعدم انقطاعه، فإن فاطمة قالت: "إني أستحاض فلا أطهر"، فنفت وقوع الطهر منها.
كذلك قولها: "يريبها" ظاهر في أن الَّذي تراه ليس دمًا وإلا لما استرابت، ولحصل لها اليقين بأنها حائض أو مستحاضة.
ويؤكد هذا المعنى أن الأئمة المصنفين قد أوردوا هذا الحديث في باب: ما جاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة والكدرة، مثل: ابن ماجة والبيهقي.
وأما أبو داود فإنما أخرجه في هذا الباب تبعًا للحديث السابق لا أصالة؛ لأنَّه وقع له هكذا في الرواية، والله أعلم.
***