بسنده ومتنه -من حديث ابن لهيعة- تقدم قريبًا، مما يؤيد كلام ابن يونس، وأن الحديث بذكر التيمم وإسقاط أبي قيس من الإسناد: إنما هو من حديث ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد اضطرب في هذا الحديث.
ثم وجدت [بدلالة بعض الفضلاء] أن أبا داود قد جزم بأن أحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب إنما هي أحاديث ابن لهيعة اشتبهت على وهب بن جرير، قال الآجري في سؤالاته (٢/ ١٢٨ / ١٣٣٥): "سمعت أبا داود يحدث عن وهب بن جرير، عن أبيه، سمع يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب الجيشاني.
قال أبو داود: جرير بن حازم روى هذا عن ابن لهيعة، طلبتها بمصر فما وجدت منها حديثًا واحدًا عند يحيى بن أيوب، وما فقدت منها حديثًا واحدًا من حديث ابن لهيعة، أراها صحيفة اشتبهت على وهب بن جرير".
وقد رجح جمع من العلماء حديث عمرو بن الحارث:
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما عللاه بحديث: جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب"، ثم قال: "حديث جرير بن حازم هذا لا يعلل حديث عمرو بن الحارث الذي وصله بذكر أبي قيس، فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة".
قلت: هو ليس على شرط أيٍّ منهما؛ فإنهما لم يخرجا حديثًا بهذا الإسناد، إلا أن مسلمًا أخرج لرجاله دون البخاري، ومثل هذه العلة التي سبق ذكرها لا تخفى على الشيخين.
وقال عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطى (١/ ٢٢٣)؛ عن حديث عمرو بن الحارث: "وهذا أوصل من الأول؛ لأنه عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص".
وقال ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٣٨٨) في معرض الرد على من احتج بحديث جرير بن حازم: "صليت بالناس وأنت جنب، على أن التيمم لا يرفع الحدث، قال ابن القيم في الوجه الثاني من الجواب: "أن الرواية اختلفت عنه، فروي عنه فيها: أنه غسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم، ولم يذكر التيمم، وكان هذه الرواية أقوى من رواية التيمم. . .".
وقد تقدم نقل كلام البيهقي تحت الحديث السابق برقم (٣٣٤).
وقال ابن كثير في تفسيره (١/ ٤٨١) عن رواية عمرو بن الحارث: "وهذا -والله أعلم- أشبه بالصواب".
وقال ابن حجر في التغليق (٢/ ١٩٠) معلقًا على كلام الحاكم: "قلت: يريد ترجيح رواية عمرو بن الحارث التي زاد فيها أبا قيس، ولا ريب في رجحانها؛ فإنها زيادة من ثقة".