للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا".

وفي الآية والحديث ما يدل على كون التيمم مطهر رافع للحدث رفعًا كليًّا، حيث سمي التيمم بأسم الماء وهو الطهور، كما في حديث أبي ذر المتقدم: "الصعيد الطيب: طَهور المسلم"، وفي رواية: "وَضوء المسلم" فأقامه مقام الماء.

٣ - أن التيمم بدل من الوضوء، والقاعدة: أن البدل له حكم المبدل منه، فكما أن طهارة الماء ترفع الحدث، فكذلك طهارة التيمم.

٤ - الإجماع على أن الصلاة تصح بالتيمم، كما تصح بالماء.

• قال العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (٢/ ٤٣): "الذي يظهر من الأدلة: تعين القول الثالث؛ لأن الأدلة تنتظم به، ولا يكون بينهما تناقض، والجمع واجب متى أمكن.

والقول الثالث المذكور هو: أن التيمم يرفع الحدث رفعًا مؤقتًا لا كليًّا، وهذا لا مانع منه عقلًا ولا شرعًا، وقد دلت عليه الأدلة.

لأن صحة الصلاة به المجمع عليها يلزمها أن المصلي غير محدث ولا جنب لزومًا شرعيًّا لا شك فيه.

ووجوب الاغتسال أو الوضوء بعد ذلك -عند إمكانه- المجمع عليه أيضًا، يلزمه لزومًا شرعيًّا لا شك فيه، وأن الحدث مطلقًا لم يرتفع بالكلية، فيتعين الارتفاع المؤقت، هذا هو الظاهر، ولكن يشكل عليه ما تقدم في حديث عمرو بن العاص أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له: "صليت بأصحابك وأنت جنب".

قلت: الحديث بهذا اللفظ شاذ لا يثبت، فسقط الاستدلال به، واسترحنا من الإجابة عليه لو كان ثابتًا، وانظر فيمن أجاب عليه: زاد المعاد (٣/ ٣٨٨)، أضواء البيان (٢/ ٤٣).

وقال شيخ الإسلام (٢١/ ٣٥٩): "فصاحب هذا القول إنما قال: إنه يرفع الحديث رفعًا مؤقتًا إلى أن يقدر على استعمال الماء ثم يعود، وهذا ممكن ليس بممتنع، والشرع قد دل عليه، فجعل التراب طهورًا، وإنما يكون طهورًا إذا أزال الحدث، وإلا فمع بقاء الحدث لا يكون طهورًا.

ومن قال: إنه ليس برافع، ولكنه مبيح، والحدث هو المانع من الصلاة، وأراد بذلك أنه مانع تام، كما يكون مع وجود الماء، فهذا غالط، فإن المانع التام مستلزم للمنع، والمتيمم يجوز له الصلاة ليس بممنوع منها، ووجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، وإن أريد أن سبب المنع قائم ولكن لم يعمل عمله لوجود الطهارة الشرعية الرافعة لمنعه، فإذا حصلت القدرة على استعمال الماء حصل منعه في هذه الحال؛ فهذا صحيح.

وكذلك من قال: هو رافع للحدث، إن أراد بذلك أنه يرفعه كما يرفعه الماء، فلا يعود إلا بوجود سبب آخر كان غالطًا، فإنه قد ثبت بالنهي والإجماع أنه إذا قدر على استعمال الماء استعمله، وإن لم يتجدد بعد الجنابة الأولى جنابة ثانية، بخلاف الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>