• ولحديث ابن عباس طريق أخرى أصلح من هذه، وهي ضعيفة أيضًا، مع الاختلاف في المتن:
يرويها الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، عن عمه عطاء بن أبي رباح: أنه حدثه عن ابن عباس: أن رجلًا أجنب في شتاء فسأل، فأمر بالغسل، فاغتسل فمات، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"ما لهم، قتلوه، قتلهم الله- ثلاثًا- قد جعل الله الصعيد -أو: التيمم- طهورًا". شك ابن عباس ثم أثبته بعدُ.
أخرجه ابن خزيمة (١/ ١٣٨/ ٢٧٣)، وابن حبان (٤/ ١٤١/ ١٣١٤)، والحاكم (١/ ١٦٥)، وابن الجارود (١٢٨)، وابن بشران في الأمالي (١٣٣٣)، والبيهقي في السنن (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، وفي الخلافيات (٢/ ٥٠٦/ ٨٤٧).
هكذا صححه: ابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والحاكم، وقال:"هذا حديث صحيح، فإن الوليد بن عبيد الله هذا: ابن أخي عطاء بن أبي رباح، وهو قليل الحديث جدًّا، وقد رواه الأوزاعي، عن عطاء وهو مخرج بعد هذا، وله شاهد آخر عن ابن عباس".
وهذا التصحيح اعتمادًا منهم على تقوية الوليد بن عبيد الله هذا، لكن قد ضعفه الدارقطني في السنن (٣/ ٧٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٦)، وذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ٥٤٩)، ثم وجدت في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ٩) قول ابن أبي حاتم: "أخبرنا يعقوب: حدثنا عثمان، سألت يحيى بن معين عن الوليد بن عبيد الله؟ فقال: ثقة"، وهذه الجملة وضعت في المطبوع بين معكوفين؛ يعني: أنها زائدة في إحدى النسخ وليس مثبتة في جميعها، والذي يظهر لي أن هذا التوثيق إنما هو للوليد بن عبد الله -مكبرًا- ابن أبي مغيث، وقد أورد ابن أبي حاتم توثيق ابن معين له في ترجمته -وهي فوق هذه الترجمة مباشرة- بنفس الإسناد، ثم راجعت تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي، فوجدت أن الذي وثقه ابن معين: هو ابن عبد الله مكبرًا، وهو ابن أبي مغيث (٤٦٨)، ولم أجد في تاريخ الدارمي توثيقًا بل ولا ذكرًا للوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، وهذا التوثيق لم ينقله الذهبي في الميزان (٤/ ٣٤١)، ولا ابن حجر في اللسان (٦/ ٢٧٢)، مما يدل على أنه خطأ وتكرار وقع من بعض النساخ، والصواب أنه لم يوثقه ابن معين، والظاهر ضعفه، والله أعلم.
• وبناء على ما تقدم فإن هذا الحديث ضعيف، ليس له طريق ثابتة عن عطاء بن أبي رباح، والصحيح: وقفه على ابن عباس:
فقد روى جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رفعه: في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}[النساء: ٤٣] قال: "إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله، أو القروح، أو الجدري، فيجنب، فيخاف إن اغتسل أن يموت؛ فليتيمم".