والرواية الثانية عند الحنابلة [وهي الرواية الأقوى، وكأنه ترك القول الأول. مغني (١/ ١٧٢)]، ووجه شاذ عند الشافعية: لا يشترط تقدم الطهارة على شد الجبيرة. . .؛ لأن هذا مما لا ينضبط وهو شديد جدًّا، بل فيه تكليف بما لا يُطاق، وهو معارض لما جاءت به الشريعة من رفع الحرج عند المشقة، ولأن المسح عليها جاز دفعًا للمشقة، فهو عزيمة وضرورة، ولأنها تأتي مفاجأة، وهو اختيار شيخ الإسلام [انظر: الشرح الممتع (١/ ٢٠٤)].
قال ابن حزم في المحلى (٢/ ٧٤): "فليس له أن يمسح على شيء من ذلك [يعني: الجبائر والعصائب] وقد سقط حكم ذلك المكان، فإن سقط شيء من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء، وهو على طهارته ما لم يحدث"، ووافقه الألباني في تمام المنة (١٣٥).
قلت: الصحيح: ما تقدم لما صح عن ابن عمر وابن عباس، ولا يُعلم لهما مخالف، فوجب المصير إلى قولهما.
• الفرق ببن المسح على الجبيرة والمسح على الخف:
١ - لا يجوز المسح على الجبيرة إلا عند الضرر بنزعها بخلاف الخف.
٢ - المسح على الجبيرة مؤقت بالبرء لا بالأيام.
٣ - يمسح عليها في الطهارة الكبرى بخلاف الخف.
٤ - يجمع فيها بين مسحٍ على جبيرة رِجلٍ، وغسل الرجل الصحيحة، بخلاف الخف.
٥ - يجب استيعاب الجبيرة بالمسح؛ إن كانت في محل الفرض، بخلاف الخف.
٦ - لا يشترط تقدم الطهارة على وضع الجبيرة [في القول الصحيح]، بخلاف الخف.
٧ - لو كان على عضويه جبيرتان، فرفع إحداهما لبرئه، فلا يلزمه رفع الأخرى، بخلاف الخفين.
٨ - يترك المسح على الجبيرة إن ضر، بخلاف الخف.
٩ - المسح على الجبيرة عزيمة، وعلى الخف رخصة.
١٠ - لا يشترط فيها استيعاب ستر جميع محل الفرض، بخلاف الخف.
١١ - إن كان بعضها في محل الفرض وبعضها في غيره مسح ما حاذى محل الفرض فقط، نص عليه أحمد.
١٢ - أنها لا تختص بعضو معين، والخف يختص بالرِّجل.
وقد أوصلها ابن عابدين إلى ٣٧ فرقًا، وانظر: الموسوعة الفقهية. المغني (١/ ١٧٢)، الإنصاف (١/ ١٩٤)، مجموع الفتاوى (٢١/ ١٧٦)، وغيرها.
***