إنما هي من كتاب أبيه وجادة [تقدم الكلام عليه تحت الحديث المتقدم برقم (٢٠٧)] , لكنها تصلح في المتابعات، وعليه: فهو كما قال الدارقطني، والله أعلم.
وأما احتجاج النسائي وغيره بهذا الحديث فلعله مبني على أن حديث بكير حديث آخر غير حديث جماعة الحفاظ عن نافع، ولذلك فقد اقتصر النسائي لما أخرجه في المجتبى (١٣٧١) على جملة: "رواح الجمعة واجب على كل محتلم" مما يشعر بذلك، لذا قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤١٧): "رواته ثقات، فإن كان محفوظًا؛ فهو حديث آخر، ولا مانع أن يسمعه ابن عمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن غيره من الصحابة ... ، ولا سيما مع اختلاف المتون".
قلت: والأول أولى بالصواب، والله أعلم.
***
قال أبو داود: إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه من غسل الجمعة؛ وإن أجنب.
قال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٤٤ - ٤٧): "ذكر الاغتسال بعد طلوع الفجر للجمعة:
اختلف أهل العلم في الرجل يغتسل بعد الفجر للجمعة: فقالت طائفة: يجزيه من غسل يوم الجمعة؛ كذلك قال: مجاهد، والحسن، والنخعي، وروي ذلك عن عطاء، وبه قال: الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال الأوزاعي: يجزيه أن يغتسل قبل الفجر للجنابة والجمعة.
وفيه قول ثان: قال مالك: من اغتسل في أول نهاره وهو لا يريد بذلك غسل الجمعة، فإن ذلك الغسل لا يجزيه حتى يغتسل لرواحه.
وروينا عن ابن سيرين أنه كان يستحب أن يحدث غسلًا يصلي به الجمعة".
ثم قال: "ذكر المغتسل للجمعة يحدث بعد اغتساله:
واختلفوا في الرجل يغتسل للجمعة ثم يحدث:
فاستحب طائفة أن يعيد الاغتسال له، وبه قال: طاووس، والزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير.
وقال الحسن البصري: يعيد الغسل، وقال إبراهيم التيمي: كانوا يقولون: إذا أحدث بعد الغسل عاد إلى حالته التي كان عليها قبل أن يغتسل.
وقالت طائفة: يجزيه الوضوء، كذلك قال الحسن ومجاهد، وكذلك كان يفعل عبد الرحمن بن أبزى، وقال مالك، والأوزاعي: يجزيه الوضوء.
وكذلك نقول؛ لحديث أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم"، وقد أتى من أحدث بعد الاغتسال بالغسل".
وانظر: المجموع (٤/ ٣٦٦)، المغني (٢/ ٣٤٧).
***