فكأن البخاري توقف، والله أعلم.
٢ - وسأل ابن أبي حاتم أباه، عن حديث همام، وأبان وقال: "قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال: جميعًا صحيحان، همام ثقة وصله، وأبان لم يوصله" [العلل (١/ ١٩٩/ ٥٧٥)].
٣ - وذكر الدارقطني الاختلاف في هذا الحديث على الحسن، ثم قال: "وكلها وهم، والمحفوظ: ما رواه شعبة عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة"، ثم ذكر بعض الاختلاف على الحسن أيضًا، ثم قال: "والجميع وهم إلا قول شعبة عن قتادة" [العلل (١٠/ ٢٦٣)].
قلت: الذي يظهر لي بأنه أقرب الأقوال إلى الصواب: الثاني والثالث: فإما أن يقال بأن قتادة كان ينشط أحيانًا فيوصله، ويفتر أحيانًا فيرسله، وكلاهما محفوظ عنه صحيح، وحينئذ يقال بأنه لا تعارض هنا بين الوصل والإرسال؛ وهذا ما ذهب إليه أبو حاتم.
وإما أن يقال بأن المحفوظ: رواية الأكثر من أصحاب قتادة الثقات، وهي رواية شعبة، وهمام، وأبي عوانة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - موصولًا.
وهذا ما ذهب إليه الدارقطني.
وعلى كلا القولين: فالوصل: صحيح محفوظ.
• والحديث قد اختلف فيه أيضًا على الحسن البصري:
١ - فرواه قتادة عنه به هكذا موصولًا ومرسلًا.
٢ - ورواه يونس بن عبيد [ثقة ثبت، وهو أثبت أصحاب الحسن]، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره.
أخرجه البزار (١٠/ ٤٠١/ ٤٥٤٠)، والطبراني في الكبير (٧/ ٢٢٣/ ٦٩٢٦)، وابن عدي في الكامل (٣/ ٩)، وأبو الطاهر الذهلي في جزئه (٥٢).
كلهم من طريق: الجراح بن مخلد قال: ثنا خالد بن يحيى: ثنا يونس بن عبيد به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن يونس، عن الحسن، عن سمرة، إلا خالد بن يحيى".
وخالد بن يحيى هذا: ترجم له ابن عدي في كامله بقوله: "خالد بن يحيى، أبو عبيد السدوسي البصري، حدث عن يونس بن عبيد وغيره ما لا يرويه غيره"، ثم ذكر له ثلاثة أحاديث هذا أحدها، ثم قال: "ولخالد هذا غير ما ذكرت من الحديث: إفرادات وغرائب عمن يحدث عنه، وليس بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به؛ لأني لم أر في حديثه متنًا منكرًا".
واعتمد على ذلك الذهبي في الميزان (١/ ٦٤٥) فقال: "صويلح، لا بأس به، ذكره ابن عدي في كامله وقواه".
ولم يزد ابن حجر في اللسان (٣/ ٣٤٤) على أن نقل كلام ابن عدي، ولم يذكروا له شيئًا مما يستنكر عليه في المتون.