وقال ابن العربي في القبس (١/ ٢٦٥): "وهذا نص"؛ يعني: في عدم الفرضية.
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤٢١): "ووجه الدلالة منه قوله: "فالغسل أفضل"، فإنه يقتضي اشتراك الوضوء والغسل في أصل الفضل، فيستلزم إجزاء الوضوء".
وانظر أيضًا: الاستذكار (٢/ ١٣)، تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٣٣)، شرح الطيبي (٣/ ٨٥٢)، نيل الأوطار (١/ ٢٩٥).
• وفي نهاية أحاديث غسل الجمعة يحسن أن نجمل القول في حكم الاغتسال يوم الجمعة:
حكى بعضهم الاختلاف في حكم غسل الجمعة لكن كلام الترمذي وابن عبد البر يعارض ذلك:
قال الترمذي بعد حديث سمرة: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم: اختاروا الغسل يوم الجمعة، ورأوا أن يجزئ الوضوء من الغسل يوم الجمعة ... "، ثم نقل كلام الشافعي السابق ذكره عند الحديث رقم (٣٤٠).
قال ابن رجب في الفتح (٥/ ٣٤١) معقبًا على كلام الترمذي: "وهذا الكلام يقتضي حكاية الإجماع على ذلك".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٢١٨) بعد حديث سمرة: "وقد أجمع المسلمون قديمًا وحديثًا على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب، وفي ذلك ما يكفي ويغني عن الإكثار، ولا يجوز على الأمة بأسرها جهل معنى السُّنَّة، ومعنى الكتاب، وهذا مفهوم عند ذوي الألباب، إلا أن العلماء مع إجماعهم على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب، اختلفوا فيه: هل هو سُنَّة مسنونة للأمة، أم هو استحباب وفضل، أو كان لعلة فارتفعت وليس بسُنَّة".
قال ابن رجب في الفتح (٥/ ٣٤٣ و ٣٤٤): "وذكر ابن عبد البر أنه لا يعلم أحدًا قال: إنه يأثم بتركه، غير أهل الظاهر، وأن من أوجبه قال: لا يأثم بتركه. وحكى أيضًا الإجماع على أنه ليس بفرض واجب ... "، ثم قال ابن رجب: "فابن عبد البر لم يثبت في وجوب غسل الجمعة -بمعنى كونه فرضًا يأثم بتركه- اختلافًا بين العلماء المعتبرين، وإنما خص الخلاف في ذلك بأهل الظاهر.
والأكثرون: أطلقوا حكاية الخلاف في وجوب غسل الجمعة، وحكوا القول بوجوبه عن طائفة من السلف، كما حكاه ابن المنذر، عن أبي هريرة، وعمار، وعن مالك أيضًا.
والذي ذكره ابن عبد البر هو التحقيق في ذلك، والله أعلم، وأن من أطلق وجوبه إنما تبع في ذلك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إطلاق اسم الواجب عليه، وقد صرح طائفة منهم بأن وجوبه لا يقتضي الإثم بتركه، كما حمل أكثر العلماء كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على مثل ذلك أيضًا، وممن صرح بهذا: عطاء كما سبق ذكره عنه، ومنهم: يحيى بن يحيى النيسابوري، والجوزجاني.