للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا حديث الزهري، عن حمزة بن عبد الله، عن أبيه، كما رواه يونس بن يزيد، وأما حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، فهو كما يرويه معمر بن راشد؛ قلبه صالح بن أبي الأخضر، وهذا من شواهد ضعفه، والله أعلم.

• ومن فقه هذا الحديث:

أنه يستدل به على أن الأرض إذا أصابها البول ثم جفت بفعل الشمس أو الريح واستحالت النجاسة؛ فقد طهرت، ولا يشترط في تطهيرها حينئذ الماء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الحديث احتج به من رأى أن النجاسة إذا أصابت الأرض فإنها تطهر بالشمس والريح ونحو ذلك، كما هو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، وهو مذهب أبي حنيفة" [مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٨٠)، وانظر (٢١/ ٢٠٩ و ٣٢٢ و ٤٨٠ و ٥١٠)].

وقال أيضًا (٢١/ ٤٧٤ و ٤٧٥): "وأما إزالة النجاسة بغير الماء، ففيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد:

أحدها: المنع؛ كقول الشافعي، وهو أحد القولين في مذهب مالك، وأحمد.

والثاني: الجواز؛ كقول أبي حنيفة، وهو القول الثاني في مذهب مالك، وأحمد.

والقول الثالث: في مذهب أحمد: أن ذلك يجوز للحاجة، كما في طهارة فم الهرة بريقها، وطهارة أفواه الصبيان بأرياقهم، ونحو ذلك.

والسُّنَّة قد جاءت بالأمر بالماء في قوله لأسماء: "حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه بالماء" [تقدم معنا برقم (٣٦١) وقوله في آنية المجوس: "ارحضوها ثم اغسلوها بالماء" [يأتي إن شاء الله برقم (٣٨٣٩)، وأصله في الصحيحين البخاري (٥٤٧٨ و ٥٤٨٨ و ٥٤٩٦)، مسلم (١٩٣٠) وقوله في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد: "صبوا على بوله ذنوبًا من ماء" [تقدم برقم (٣٨٠)]، فأمر بالإزالة بالماء في قضايا معينة ولم يأمر أمرًا عامًّا بأن تزال كل نجاسة بالماء.

وقد أذن في إزالتها بغير الماء في مواضع:

منها: الاستجمار بالحجارة.

ومنها: قوله في النعلين: "ثم ليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور" [يأتي برقم (٣٨٥)].

ومنها: قوله في الذيل: "يطهره ما بعده" [يأتي برقم (٣٨٣)].

ومنها: أن الكلاب كانت تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لم يكونوا يغسلون ذلك [وهو حديث الباب].

ومنها: قوله في الهر: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" [تقدم برقم (٧٥)]، مع أن الهر في العادة يأكل الفار، ولم يكن هناك قناة ترد عليها تطهر بها أفواهها بالماء، بل طهورها ريقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>