قال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٣٦٢): "تكلم بعض الناس في إسناد حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، وهو -والله- كلهم معروفوا النسب مشهورون بالعلم [وفي الإمام (٤/ ٣٣): ورواته كلهم ثقات معروف مشهور بالعلم]، وقد خرجه أبو داود وغيره، وذكر عبد الرزاق، عن الثوري، وابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده، مثل رواية وكيع وأبي نعيم. وذكره عبد الرزاق أيضًا: عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس مثله".
قال ابن دقيق العيد في الإمام معقبًا على ابن عبد البر (٤/ ٣٣): "وكأنه اكتفى بالشهرة في حمل العلم مع عدم الجرحة الثابتة، وهو مقتضى رأيه، وذكر أيضًا ما يقتضي تأكيد الرواية بمتابعة ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن الحارث، وكذلك ذكر أيضًا متابعة العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، وهذه متابعة حسنة، وقال الترمذي: حديث ابن عباس: حديث حسن".
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في عارضة الأحوذي (١/ ٢٠٥): "حديث ابن عباس: اجتنبه قديمًا الناس، وما حقه أن يجتنب، فإن طريقه صحيح، وليس ترك الجعفي والقشيري له [يعني: البخاري ومسلمًا] دليلًا على عدم صحته؛ لأنهما لم يخرجا كل صحيح ... ، [ثم استطرد إلى أن قال:] ورواة حديث ابن عباس هذا كلهم ثقات مشاهير، لا سيما وأصل الحديث صحيح، في صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: حديث ابن عباس: حديث صحيح، قال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم، وقال البغوي: "هذا حديث حسن"، وصححه أيضًا: ابن عبد البر وابن العربي، وقال ابن المنذر: "ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" [الأوسط (٢/ ٣٣٤ و ٣٣٨ و ٤٣٠)].
لم ينفرد به سفيان الثوري -وإن كان لا يضره تفرده-، عن عبد الرحمن بن الحارث، بل تابعه جماعة منهم: سليمان بن بلال، وابن أبي الزناد، والدراوردي، ومغيرة بن عبد الرحمن، وحاتم بن إسماعيل، وغيرهم.
ولم ينفرد به عبد الرحمن بن الحارث، عن حكيم بن حكيم، بل تابعه: محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.
ولم ينفرد به حكيم بن حكيم، عن نافع، بل تابعه: عتبة بن مسلم، وعمر بن نافع.
ونافع بن جبير بن مطعم: تابعي كبير، ثقة فاضل، سمع العباس بن عبد المطلب، وغيره من الصحابة، وروايته عن ابن عباس في الصحيحين [انظر: تحفة الأشراف (٥/ ٢٥٨) وما بعدها].
• تنبيهان:
الأول: لفظة "عند باب البيت" بزيادة "باب" لا تثبت في هذا الحديث، والمحفوظ: "عند البيت".